يعتبر تقييم الأداء من أهم الأنظمة التي تحظى باهتمام عدد كبير من المنظمات الصناعية والخدمية على حد سواء، وبالنظر إلى ما تواجهه المنظمات حالياً من ضغوط وتحديات محلية وعالمية ، حيث أصبحت البيئة التي تعمل في إطارها هذه المنظمات الآن تختلف اختلافاُ ملحوظاً عن الماضي ، فقد أصبح من الضروري إدراك أن نظم ومؤشرات قياس وتقييم الأداء المؤسسي للمنظمات أصبح يمثل ظاهرة متعددة الجوانب تتحرك خيوطها في مجالات متعددة وبالتالي أصبح الأداء المؤسسي بمثابة منظومة متكاملة لنتائج أعمال المنظمة في ضوء تفاعلها مع عناصر بيئتها الداخلية والخارجية .
وممكن أن نعرف مفهوم تقييم الأداء بأنه إيجاد قياس يمكن من خلاله معرفة مدى تحقيق المنظمة للأهداف التي أقيمت من أجلها ، ومقارنة تلك الأهداف بالأهداف المتحققة ، ومعرفة وتحديد مقدار الانحرافات عن ماتم التخطيط له مسبقاً ، مع تحديد أسباب تلك الانحرافات وأساليب معالجتها .
أهمية تقييم الأداء؟
إن عملية تقييم الأداء تعتبر من الضرورات الهامة لاستمرارية عمل المنظمة ونجاحها كونها تُمكن المنظمات من أخذ صورة سريعة عن حقيقة النشاط الحالي للمنظمة ومقارنة ذلك مع واحد من المعايير الثلاثة التالية :
أولاُ : المعيار التاريخي : وهو مقارنة المنظمة الحالي مع أداء المنظمة للفترة الماضية وهو ما يمثل من نجاحات مميزة في أدائها .
ثانياُ : المعيار المرجعي :مقارنة أداء المنظمة مع الأداء المميز للمنظمات العاملة بنفس الصناعة أو التي تزاول نفس النشاط .
ثالثاً : المعيار المستهدف: مقارنة الأداء المتحقق مع الأهداف المخططة التي تضمنتها إستراتيجية المنظمة .
وتبرز أهمية تقييم الأداء بالنسبة لأداء المنظمة في الآتي :
- تحديد نقاط القوة والضعف في أداء المنظمة ، يهدف إلى قياس حالتي التقدم والتأخر في تحقيق الأهداف .
- معرفة مدى إمكانية تحقيق المنظمة من الاستخدام الأمثل لمواردها المختلفة ( بشرية ، مادية ، معلوماتية .. إلخ ) المتاحة لها .
- توجيه العاملين في المنظمة لأداء أعمالهم على أكمل وجه ممكن .
- توضيح العلاقة التبادلية بين أقسام وفروع المنظمة للتحقق من أن أداءها كما هو مخطط لها .
- التحقق من مطابقة الأداء وفقاً لمعايير الجودة المطلوبة .
وهذا ما يتطلب من كل منظمة أن تقوم بإعداد نظام لتقييم أدائها ، حتى تضمن بقائها في بيئة الأعمال التنافسية ، وهذا النظام يتضمن معايير تسمح المؤشرات المتوقعة منها بالحكم على درجة أمان المنظمة ونموها ضمن الفترة الزمنية القادمة .
كما تشير الدراسات الحديثة أن عملية تقييم الأداء تستهدف ثلاث غايات تقع على ثلاثة مستويات هي المنظمة و المدير و الفرد العامل ، وتتمثل تلك الغايات التالي :
- أهميتها على مستوى المنظمة :
- إيجاد مناخ ملائم من الثقة والتعامل الأخلاقي الذي يبعد احتمال تعدد شكاوي العاملين تجاه المنظمة .
- رفع مستوى أداء العاملين واستثمار قدراتهم بما يساعد على التقدم والتطور .
- تقييم برامج وسياسات إدارة الموارد البشرية لها ونتائجها العملية التي يمكن أن تستخدم كمؤشرات للحكم على دقة هذه السياسات .
- مساعدة المنظمة على وضع معدلات أداء معيارية دقيقة .
- أهميتها على مستوى المديرين :
- دفع المدير إلى تنمية مهارتهم وإمكانياتهم الفكرية وتعزيز قدراتهم الإبداعية للوصول إلى تقويم سليم وموضوعي لأدائهم .
- دفع المديرين إلى تطوير العلاقات الجيدة مع المرؤوسين والتقرب إليهم للتعرف على المشاكل والصعبات
أهميتها على مستوى العاملين :
- تجعل العامل أكثر شعور بالمسؤولية وذلك لزيادة شعوره بالعدالة وبأن جميع
جهوده المبذولة تأخذ بالحسبان من قبل المنظمة .
- دفع العامل للعمل باجتهاد وإخلاص ليترقب فوزره باحترام وتقدير رؤساءه معنويا وماديا ً.
ما هي متطلبات تقييم الأداء للمنظمات ؟
تكمن أهمية نجاح المنظمة في قدرتها على مراعاة المتطلبات الأساسية لعملية تقويم الأداء المتكامل وتطوير نظم تقويم الأداء ، وتشير الدراسات إلى أن أبرز متطلبات التميز الإداري في تطوير نظم تقويم الأداء للمنظمة ، هي :
- أهمية الرصد والتقويم الفعال للنتائج التي تحققها المنظمة ومدى توازنها من وجهة نظر أصحاب المصلحة (Stakeholders) .
- الرصد والتحليل والتقويم الفعال لمدى تكامل وتناسق عمليات المنظمة وقدرتها على إنتاج السلع والخدمات التي ترضي العملاء [ الخارجيين والداخليين] وتستجيب لمتطلباتهم.
- الرصد والتقويم الفعال لأساليب استخدام الموارد المتاحة للمنظمة وكفاءة الإدارة في توظيفها بما يحقق الغايات والأهداف المرجوة.
- الرصد والتقويم المستمر لكفاءة المنظمة في بناء واستثمار العلاقات مع أطراف المناخ المحيط ممن تعتمد المنظمة على مساندتهم في تحقيق أهدافها.
- تقويم ما تقوم به المنظمة من أنشطة البحوث والتطوير ومدى الاستفادة من نتائجها، ودرجة انفتاح المنظمة للتعلم من خبرات وتجارب الآخرين وقدرتها على تهيئة ثقافة تنظيمية محابية للتعلم واستثمار مصادر المعرفة الداخلية والخارجية.
لذا من الضروري أن يكون نظام التقويم المؤسسي الشامل قادراً على إنتاج مؤشرات تدل على اتجاهات الأداء وتطوراته المستقبلية يمكن مقارنتها بأهداف الأداء المخططة ومستوياته المحققة لمتطلبات المناخ الخارجي [ السوق، العملاء، المنافسين…]، وبالتالي تستطيع الإدارة إعادة توجيه الأداء حال وضوح اتجاهه للانحراف عن المسار الصحيح. وبذلك يكون نظام التقويم أقرب إلى عملية المتابعة والتصحيح المستمر لمسار الأداء منه إلى فكرة الرقابة والفحص بعد انتهاء الأداء .