بطاقة الأهداف المتوازنة
بطاقة الأهداف المتوازنة Balanced ScoreCard هي وسيلة لتحديد أهداف دورية (سنوية مثلا) للمؤسسة بحيث لايطغى جانب واحد على هذه الأهداف. في كثير من الأحيان يكون للأهداف المادية نصيب الأسد من الأهداف التي نضعها للعام أو الأعوام القادمة وهو ما قد يؤدي إلى نتيجة سيئة على المدى البعيد. ليس ذلك بسبب قلة أهمية الأهداف المادية ولكن لوجود أشياء أخرى يجب العناية بها وإلا واجهت المؤسسة صعاب كثيرة على المستوى البعيد. فمن المهم ان نحاول زيادة صافي الربح والعائد على الاستثمار ولكننا إن فعلنا ذلك بدون أن نُحافظ على تَمَيُزنا فيما نقوم به ونحاول إرضاء العملاء ونحاول تطوير أنفسنا فإننا سنفاجأ بأننا غير قادرين على المنافسة على المدى البعيد.
البطاقات الأربع للأهداف المتوازنة:
بطاقة (أو بطاقات) الأهداف المتوازنة اقترحها كل من روبرت كابلان وديفيد نورتون في 1992 وانتشر استخدامها في العديد من المؤسسات. بطاقات الأهداف المتوازنة -في صورتها الأصلية- تتكون من أربع بطاقات منفصلة. كل بطاقة تحوي أهدافاً لمجال واحد بحيث تحقق الأربع بطاقات التوازن بين الأهداف القصيرة والطويلة الأجل وكذلك بين الأهداف المادية والأهداف الخاصة بتطوير العمل. هذه البطاقات الأربع تغطي المجالات الآتية:
1- بطاقة الأهداف المالية Finanacial: هذه البطاقة تحوي أهدافا مالية بَحتة مثل العائد على الاستثمار، تكلفة المنتجات، الربحية، التدفق النقدي. ويستخدم لقياس ذلك النسب المالية والأرقام المالية المختلفة. من المهم اختيار الأرقام المالية المهمة والمعبرة عن أداء العمل فمثلا لو ركزنا فقط على قيمة صافي الربح لما كان ذلك كافيا لأن صافي الربح قد يكون كبيرا ولكن العائد على الاستثمار قليلا. كذلك قد تكون بعض الأرقام المالية مهمة في وقت ما مثل التدفق النقدي في اوقات العُسرة. لماذا نستخدم مؤشرات مالية؟ لأن المؤسسات تهدف أساسا للربح ووظيفتها تعظيم مستحقات المساهمين. أما الشركات غير الهادفة للربح فقد يختلف الأمر قليلا ولكنها في النهاية لابد أن تحافظ على استمرارها في أنشطتها بالمحافظة على وجود موارد كافية.
2- بطاقة العملاء Customers: هذه البطاقة تحوي أهدافا تتعلق بإرضاء العملاء مثل تحقيق رغبات العملاء عن طريق منتجات أو خدمات جديدة، الاستجابة لشكاوى العملاء، تحسين الخدمة أو أسلوب البيع، زيادة المعرفة بمنتجاتنا. هذه البطاقة تُساعدنا على تغطية قصور كبير في كثير من مؤسساتنا التي لا تقوم بقياس مثل هذه الأهداف فقليلا ما تجد مؤسسة تطلب منك التعليق على الخدمة بعد تلقيها في حين أن المؤسسات في الدول المتقدمة إدارياً ترسل لك استقصاء تلو استقصاء لكي تتعرف على رغباتك وما أعجبك وما لم يُعجبك. إن المؤسسة التي تحاول تعظيم الأرقام المالية على المدى القريب قد تُفاجئ بعد عدة أعوام بأن متطلبات العملاء قد تغيرت وأن منتجاتهم أو خدماتهم قد أصبحت غير مرغوب فيها. كذلك فإن المؤسسة التي لا تتابع طلبات العملاء واقتراحاتهم وشكاواهم هي مهددة بأن يذهب هؤلاء العملاء تدريجيا لمنافس يحقق رغباتهم
3- بطاقة العمليات الداخلية Internal Business Process: هذه البطاقة تجعلنا لا ننسى تطوير المؤسسة من الداخل والمحافظة على مستوً عالٍ من الأداء فيما نقوم به من عمليات. هذه البطاقة قد تشمل أهدافا مثل: جودة التصنيع، نسبة الفواقد في المواد الخام أثناء التصنيع،وقت التقدم Lead time في التصنيع، سرعة تغيير الإنتاج من منتج لمنتج، جودة التصميم، العلاقة مع الموردين، تطور أنظمة العمل الإدارية، استخدام تكنولوجيا المعلومات، التعاون بين الإدارات المختلفة، … وغير ذلك من الأهداف المتعلقة بالعمليات الداخلية. في كثير من مؤسساتنا قد تجد هناك إهمال كبير للعديد من مقاييس الأداء للعمليات الداخلية وبالتالي لا يتحسن مستوى الأداء بل ينحدر.
4- بطاقة التعلم والإبداع Innovation and Learning:هذه البطاقة تتعلق بقدرة المؤسسة على تطوير منتجات جديدة وتعلم أو ابتكار تكنولوجيا متقدمة وتطبيق سياسات إدارية حديثة. فقد تشمل هذه البطاقة أهدافا مثل تطبيق أسلوب إداري جديد، تعلم تكنولوجيا جديدة، تقديم عدد من المنتجات الجديدة، عدد الاقتراحات المقدمة والمنفذة من العاملين، الحافز لدى العالمين للابتكار والتطوير. بدون التعلم والإبتكار لايمكننا أن نستمر لأن المنافسين يتطورون وبالتالي سنخرج خارج المنافسة. لذلك فإن استخدام هذه البطاقة يساعدنا على مراقبة تطورنا وقدرتنا الابتكارية مقارنة بالآخرين.
العلاقة بين بطاقة الأهداف الأربع:
لاحظ أن البطاقات الأربع تدعم بعضها البعض فالتعلم والتطوير يدعم العمليات الداخلية ويؤثر على رضاء العملاء والعمليات الداخلية بدورها تؤثر على رضاء العملاء وكل هذا يؤثر على المؤشرات المالية.
مكونات البطاقة:
كل بطاقة من البطاقات الأربع تشتمل على أربعة أعمدة:
الأهداف Objectives: تسجل فيه الأهداف الخاصة بالبطاقة
المؤشرات Measures: تسجل فيه المؤشرات التي ستسخدم لقياس كل هدف
المستهدف Target: تسجل فيه القيمة المستهدفة للمؤشر في نهاية الفترة (سنة مثلا)
المبادرات Initiatives: تسجل فيه المبادرات أو الأشياء التي سنقوم بها لتحقيق الهدف
فمثلا قد يكون الهدف زيادة رضاء العملاء عن مستوى الخدمة فيكون المؤشر هو نتيجة استقصاء ربع سنوي (مثلا) يقيس رضاء العملاء عن الخدمة وقد تكون هناك مبادرة مثل تحسين مظهر العاملين أو تدريب العاملين على التعامل مع العملاء او غير ذلك. لاحظ أن مؤشرات الأداء لا يشترط أن تكون كمية بل قد تكون نوعية أو وصفية.
قد يكون من المناسب أن يكون عدد المؤشرات في كل بطاقة في حدود الخمسة أهداف بحيث يكون المجموع أقل من عشرين هدفا. لاحظ ان هذه هي أهداف المؤسسة العليا والتي سيحاول الجميع الاشتراك في تحقيقها. بالإضافة لذلك فإنه ينبغي بذل المجهود للوصول إلى الأهداف ومؤشرات الأداء المناسبة لاستراتيجية المؤسسة وطبيعة عملها.
علاقة بطاقة الأهداف المتوازنة باستراتيجية المؤسسة:
عند استخدام بطاقة الأهداف المتوازنة فإن الأهداف التي يتم وضعها في كل بطاقة تكون نابعة من استراتيجية المؤسسة. فالمؤسسة التي تحاول أن تنافس عن طريق تقليل التكلفة ستهتم بمؤشرات تكلقة المنتج وكفاءة التصنيع وقلة الفواقد وتقليل تكلفة المواد الخام. أما المؤسسة التي تحاول أن تكون سبَّاقة بالمنتجات أو الخدمات الجديدة فسيكون تركيزها على القدرة على تقديم منتجات بسرعة والقدرة على خلق جو إبداع داخل المؤسسة. كذلك فإن المؤسسة التي تخطط للتوسع عالميا ستهتم بقياس القدرة على الدخول إلى أسواق جديدة والقدرة على تلبية الاحتياجات الخاصة بعملاء كل بلد. بهذه الطريقة تصبح بطاقة الأهداف المتوازنة وسيلة لتحقيق استراتيجية المؤسسة. لاحظ أن بطاقة الأهداف المتوازنة لا تحتوي على أهداف مالية فقط وإنما هي تربط ما بين الأهداف المالية وأهداف تطوير العمل وتحسينه. وبالتالي يمكن القول أنها تساعد على ربط الأهداف قصيرة المدى باستراتيجية المؤسسة بعيدة المدى.
هل هي مفيدة فعلا؟
ماذا لوقلنا أننا سنضع أهدافا متوازنة بدون استخدام بطاقات الأهداف المتوازنة؟ نعم قد نقوم بوضع قائمة بالأهداف ولكننا قد نَغفل عن بعض الجوانب الرئيسية وخاصة المؤثرة على المدى البعيد. تقسيم الأهداف إلى أربع بطاقات في المجالات المذكورة يساعدنا على المحافظة على التوازن لأننا سنكون مضطرين لوضع أهداف لعملية التعلم والابتكار وأهداف لتطوير العمليات وهكذا. هذه فائدة حقيقية لهذا الأسلوب.
مشاكل في التطبيق:
بطاقة الأداء المتوازنة ليست الحل لكل المشكلات ولا هي وسيلة لتطوير المؤسسات ولكنها وسيلة مساعدة فهي تحدد مؤشرات الأداء وبالتالي تساعدنا على تحقيق الاستراتيجية وتطوير أنفسنا. كما هي العادة في كل نظام إداري فإن من يقوم بتَسويق النظام يحاول تصويره على أنه أساس كل تطوير وأن كل السياسات الأخرى هي جزء منه. هذا يحدث أحيانا مع بطاقة الأهداف المتوازنة. هذه البطاقات هي وسيلة لتحديد أهداف متوازنة فقط وبالتالي فإنه إن لم يصاحبها تطبيق السياسات الإدارية للتطوير فإنها تفشل.
قد نستَمتِع بعملية الاهداف المتوازنة حتى نقوم بوضع العشرات من مؤشرات الأداء. هذا أمر ينبغي تجنبه لأنه يؤدي إلى ضياع قيمة وضع مؤشرات أداء. مؤشرات الأداء ينبغي أن تكون واضحة وقليلة حتى تكون هدفا للعاملين. ماذا لو كانت قائمة المؤشرات طويلة جدا؟ إن العاملين يفقدون التركيز بين الأهداف المختلفة ويشعرون بأن تحقيق كل هذه الاهداف أمرا مستحيلا. وضوح الأهداف وقلة عددها يجعلها هدفا لا يُنسى للعاملين والمديرين. اختيار مؤشرات الأداء هو من الامور الصعبة في حالة تطبيق بطاقة الأهداف المتوازنة وفي حالة عدم تطبيقها. وبالتالي فإن اختيار مؤشرات غير معبرة أو غير واضحة يؤدي إلى الكثير من المشاكل.
بطاقة الأهداف المتوازنة تهدف إلى التوازن بين الأهداف المالية وغيرها وبين الأهداف قصيرة المدى وتلك بعيدة المدى. ولكن من الممكن أن تجد مؤسسات تُطبق بطاقة الأهداف المتوازنة ولكنها في النهاية لا تُوازن بين الأهداف كما ينبغي. كذلك قد لايتم شرح الأهداف وعلاقتها بالاستراتيجية بالتالي لا يحدث التفاف حول الأهداف والاستراتيجية.
أخيرا، بطاقة الأهداف المتوازنة هي وسيلة لربط مؤشرات الأداء باستراتيجية المؤسسة. ولذلك فإن لم يكن هناك استراتيجية واضحة فإن استخدام بطاقة الأهداف المتوازنة لن تؤدي عملها.