بعد زواجها وإنجابها لطفلين لم تبتسم الحياة طويلاً للممثلة اللبنانية كارلا بطرس. فمنذ سنة ونصف أودى حادث سير كبير بزوجها ومربية طفليها فيما نجت معهما بأعجوبة مع بعض الكسور والجروح. بعد أشهر من الحزن إستأنفت كارلا بطرس حضورها في الدراما وفي أكثر من عمل، يعرض بعضها حالياً على الشاشات اللبنانية، والبعض الآخر سيعرض في خطط الخريف والشتاء البرامجية.
معها كان هذا الحوار:
نشاهدك على شاشتي 'ال بي سي' و'المستقبل' وفي مسلسلي 'الطائر المكسور' و'دكتور هلا'. لنبدأ من الثاني فما هي الرسالة التي أردت قولها من دور 'سامية'؟
من المؤكد أن المشاهد يرى في 'سامية' نموذجاً سيئاً، فهي حسب تعبيرنا الشرقي 'دايرة ع حل شعرها'. شخصياً أحببت الدور لواقعيته ولحقيقيته لأن النماذج التي تشبه 'سامية' كثيرة. والعديد من الفتيات في أيامنا هذه يعتقدن بأن الزواج هو الحل لبعض مشاكلهن. قد تطمح الفقيرة وغير المتعلمة بالزواج من رجل ميسور ليصرف عليها ويعيلها ومن خلاله تجد حريتها. أحببت القيام بهذا الدور لأضع المشاهدين أمام المصيبة الآتية من هكذا زواج غير المدروس.
الحكمة من هذا الدور أن 'سامية' التي تعيش في القرية في قلة مادية واضحة بيعت من قبل والدها لزوجها المسن والميسور نسبياً. وهي تُعبر بالقول بأن والدها باعها بقليل من الدولارات.
أن تكتشف 'سامية' بيع والدها لها فهل هذا يعني أنها صحت لوضعها غير المثالي؟
في الأعماق ليست 'سامية' بالإنسان السيئ، لهذا تشرح الظروف التي أوصلتها للعيش 'ع حل شعرها'. برأيي هذا الدور يشكل جزءاً من توعية ضرورية لكثير من الفتيات اللواتي يعشن ظروف 'سامية'.
أن تؤدي دوراً سلبياً بكل ما يحيط به من تفاصيل فماذا يعني لك ذلك؟
القول للمشاهدين أنظروا إلى النهاية التي يقود إليها المسار الخاطىء في الحياة. عندما نكون أمام نص جيد وحبكة حقيقية ودور يحمل توجيهاً أخلاقياً وسلوكياً إيجابياً أنا معه حتى وإن كانت الشخصية سيئة.
'د. هلا' كان المسلسل الأول الذي أعادك إلى الدراما بعد الحادث الأليم فهل ساهم في تخفيف أحزانك؟
أكيد. أنا كأي إمرأة أخرى لديها وظيفة تقوم بها. وربما لأنني أقوم بمهنة هي في الضوء لاحظ الناس عودتي وسأل بعضهم مستهجناً 'رجعت تمثل'؟ هذه وظيفتي ومهنتي. لو كنت مُدرسة أو موظفة مصرف لكان من الضروري العودة إلى العمل بعد 40 يوماً بالحد الأقصى وإلا الفصل. يوجهون لنا النقد كممثلين بطريقة قاسية وغير إنسانية رغم كوننا من البشر. فهل من المطلوب أن أموت؟
من أسس التمثيل تقمص المشاعر الأخرى فهل إجتهدت حتى قمت بهذا الدور أو ذاك رغم حزنك؟
في مسلسل 'د.هلا' لم يكن للدور أن يذكرني بواقعي في كل لحظة، بل حملني للحظات إلى مكان أبعد. لكن مع مسلسل الطائر المكسور عشت مشكلتي نفسها، لأني كنت مع مشكلة حياة واقعية تقريباً.
حضورك في هذا المسلسل كان حزيناً جداً؟
مسلسل 'الطائر المكسور' بكامله يحتوي على كمية كبيرة من الحزن. ليس الأمر مقتصراً على دوري بل هي حال أدوار كافة الشخصيات تقريباً. قبل الحادث كنت قد صورت قسماً من الدور. وعندما عدت لمتابعة ما تبقى من التصوير شعرت بأني أعيش مأساتي من جديد. فالشخصية التي أديتها هي لسيدة تفقد زوجها بعد سنة من الزواج. بين منزلي ومواقع التصوير لم أشعر حينها بأي تبدل.
مشكلتك الخاصة هل إنعكست آداء أفضل للدور؟
هذا صحيح. كنت مع مشاعر حزن حقيقية وصادقة. وهذا ما بدا جلياً على الشخصية. كنت في خشية من فشل ما يصيبني خلال تلك العودة للتمثيل لكن الحمدلله.
هل كان بقربك من يحثك على العودة؟
إنها جهود الصديقة والزميلة ورد الخال بشكل خاص، وكافة الزملاء الذين وقفوا إلى جانبي في محنتي بطريقة إحتضانية لا توصف. وأنا أشكرهم.
لنسألك عن مميزات نص الشاعرة والرسامة مها بيرقدار خاصة وأن 'الطائر المكسور' هو باكورتها في كتابة الدراما؟
في أول قراءة لي للنص إكتشفت مدى الرقي الذي يظلل كل كلمة منه. هي مختلفة في نصها عن غيرها. مثلاً نص كلوديا مارشيليان على درجة عالية من الجمال، ويتميز بمسار سريع يشبه حركتي في الحياة بحيث لا أتعب في حفظه. بينما الطائر المكسور يحمل الكثير من شاعرية كاتبته. كما هو يدور في مجتمع يعتمد في تعبيره على الإحساس والرقي. كما يحمل هذا النص أسلوباً غير مباشر يشعر القارىء بأن كاتباً على درجة مرهفة من الإحساس يقف خلفه.
هل تعتقدين أن مها بيرقدار ستتابع الطريق؟
أتمنى ذلك. خاصة وأنها تشكل مع ولديها ورد ويوسف الخال فريقاً جميلاً وناجحاً في تقديم الدراما من الكتابة إلى التمثيل ومن ثم الإنتاج. جميعنا يتمنى أن ترفل الدراما اللبنانية بذلك الجمال والرقي في النص والتمثيل الذي يقدمه 'الطائر المكسور'.
علمنا أنك حللت ضيفة على مسلسل 'أوتيل الأفراح' فماذا عنه؟
إنه مسلسل كوميدي من بطولة جوليا قصار. وهو يعتمد أسلوب إستضافة فنانين مختلفين في كل من حلقاته التي تمتد لساعة. المكان محصور في فندق يقع على شاطىء البحر تمتلكه جوليا قصار. إنها إمرأة تعيش غيرة قاتلة على زوجها كما لديها العديد من المشاكل مع أبنائها. هو مسلسل حيوي ومنعش. المشاهدون يحتاجون هذا النوع من المسلسلات نظراً للراحة النفسية التي يمدهم بها. وهو سيعرض قريباً.
كذلك لك حضور في مسلسل 'الدني هيك' كضيفة؟
هذا المسلسل يحفل بعدد كبير من الضيوف. كذلك كان هذا المسلسل من الأعمال التي ساهمت في إنتشالي من الإكتئاب والحزن الذي عشته بعد الحادث. بخطوات تدريجية سجلت عودتي إلى الدارما وإنتصاري على أحزاني. فقد حللت في هذا المسلسل الكوميدي ضيفة في خمس من حلقاته. وشكلت بالنسبة لي إطلالة (مهضومة) بين مجموعة من النجوم الكبار. وعندما عرض علي الدور لم أتردد إطلاقاً في الموافقة. وأظن بأن هذا المسلسل سيعرض على شاشة 'ال بي سي' مع نهاية الصيف.
هل تشعرين بأن الأدوار التي تقومين بها تساهم في تطوير حضورك في الدراما أم ثمة مراوحة في الدائرة نفسها؟
أصبحت في وضع يحتم علي دراسة الدور الذي يقدم لي من كافة جوانبه. وفي الأساس لست من النوع الذي يبحث عن الدور الذي يؤدي بي إلى النجومية. ليس لأني أمقت النجومية بل لأني أبحث عن الموازنة بين إهتمامي بعملي وبأطفالي بعد أن أصبحت المسؤولة الوحيدة عنهما. تلقيت الكثير من العروض لأعمال درامية عربية مختلطة مصرية، سورية وخليجية. رفضتها جميعها، فطفلي صغيران جداً ولست في وارد الإبتعاد عنهما إطلاقاً بهدف التمثيل والشهرة. لذلك أحاول أن أشفي غليلي الفني بأعمال وأدوار تتناسب مع ظروفي وعائلتي. حتى قبل وفاة زوجي كنت أبحث عن الدور الذي لا يبعدني كثيرا عن أطفالي، ولهذا كنت مُقلة في المرحلة الماضية لأن العائلة هي الأولوية.
هل تتخلين عن دور جميل إن تضارب مع إهتمامك بأطفالك؟
حالياً وبعد وفاة زوجي نعم أتخلّى.
كيف تصفين علاقتك بالتمثيل؟
هو متنفسي، ويحقق لي الراحة النفسية.