بسم الله الرحمن الرحيم
فتح ديمومة الثورة والعاصفة شعلة الكفاح المسلح
حركة فتح ( دراسة للكوادر ) ...حركة فتح ( دراسة للكوادر )
ديمومة الثورة والعاصفة شعلة الكفاح المسلح
1957-2003
حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) تمثل التنظيم الفلسطيني الذي ارتبطت الثورة الفلسطينية باسمه ، باعتبار ان انطلاقته في العام 1965 مثلت الانبعاث الحقيقي للوطنية الفلسطينية والكفاح المسلح من خلال كوكبة من الشباب الفلسطيني الذي تجمع على شكل بؤر تنظيمية متناثرة في كل من فلسطين ودول الطوق المحيطة بفلسطين وفي عدد
من دول الخليج العربي وأوروبا الغربية لا سيما ألمانيا والنمسا لينشئ تنظيما فلسطينيا مستقلا يهدف لتحرير فلسطين وإقامة دولة ديمقراطية ومجتمع تقدمي فيها .
النشأة :
يمثل العام 1957 نشأة حركة فتح التي أتت في الحقيقة من تلاقي الأفكار الثورية لعدد من البؤر التنظيمية المنتشرة منذ عام 1948 ، هذه الأفكار التي مثلت لدى أعضاء هذه البؤر ردا على النكبة وعلى العدوان الثلاثي 1956، وعلى فقدان مصداقية الأحزاب السياسية التي كانت منتشرة في الساحة آنذاك ، وعلى الرغبة في استقلالية العمل
الوطني الفلسطيني خاصة بعد تجميد عمليات الفدائيين من قبل السلطات المصرية عام 1957
1.
العمل المسلح والعمل النقابي :
يشار بقوة إلى دور رابطة الطلبة الفلسطينية في الجامعات المصرية ، وخاصة منذ تسلم ياسر عرفات رئاسة الرابطة ( 1952 – 1956 ) والدور العربي والعالمي الذي لعبته في بعث القضية الفلسطينية وحتى تأسيس الاتحاد عام 1959.
منذ العام 1954 ابتدأ خليل الوزير )أبو جهاد( أحد أبرز مؤسسي حركة (فتح) العمل المسلح ضمن مجموعات فدائية صغيرة ، وفي يوليو 1957 كتب مذكرة لقيادة جماعة الأخوان المسلمين في غزة يحثهم فيها على تأسيس تنظيم خاص يرفع شعار تحرير فلسطين عبر الكفاح المسلح ، ورفضت الجماعة دعوته لتنضم أعداد كبيرة من الكوادر لتنظيم ( فتح ) الناشئ لاحقا أمثال ( سليم الزعنون وصلاح خلف وأسعد الصفطاوي ، وكمال عدوان ومحمد يوسف
النجار وسعيد المزين وغالب الوزير من قطاع غزة ، ومحمد غنيم ومحمد أبو سردانة من الضفة الفلسطينية ) .
الاجتماع التأسيسي :
يشار دوما في أدبيات حركة (فتح) إلى أواخر العام 1957 في الكويت أنه عقد لقاء ضم ستة أشخاص هم : ياسر عرفات وخليل الوزير وعادل عبدالكريم وعبد الله الدنان ويوسف عميرة وتوفيق شديد بحيث اعتبر اللقاء التأسيسي الأول لحركة ( فتح ) رغم انقطاع الأخيرين عن التواصل بعد فترة وجيزة ، وصاغ المؤسسون ما سمي ( هيكل البناء الثوري ) و(بيان حركتنا ) واتفقوا على اسم الحركة للأحرف الأولى للتنظيم مقلوبة من حتوف ثم حتف إلى فتح . وتبع ذلك انضمام أعضاء جدد منذ 1959 كان أبرزهم صلاح خلف وخالد الحسن .
مجلة فلسطيننا :
في العام 1959 ظهرت ( فتح ) من خلال منبرها الإعلامي الأول مجلة ( فلسطيننا – نداء الحياة ) التي صدرت في بيروت منذ شهر نوفمبر ، والتي أدارها توفيق حوري وهو نفس العام الذي شهد اندماج معظم البؤر التنظيمية الثورية المنتشرة المتشابهة الأهداف والتي حققت أوسع استقطاب حينها شمل ما يزيد على 500 عضو .
قامت مجلة ( فلسطيننا ) بمهمة التعريف بحركة فتح ونشر فكرها ما بين 1959 – 1964 واستقطبت من خلالها عديد من المجموعات التنظيمية الثورية الأخرى ، فانضم تلك الفترة كل من عبد الفتاح حمود وماجد أبو شرار وأحمد قريع وفاروق قدومي وصخر حبش وهاني الحسن وهايل عبد الحميد ومحمود عباس ويحيى عاشور وزكريا عبد الحميد وسميح أبو كويك وعباس زكي وغيرهم الكثير إلى صفوف الحركة الناشئة .
تطور العلاقات العربية:
مجلس الطوارئ :
شكلت الحركة ( مجلس الطوارئ) عام 1965 برئاسة ياسر عرفات في دمشق مما زاد شقة الخلاف مع أعضاء اللجنة المركزية في الكويت الذين رفضوا الانطلاقة ، وكان الكثير من قيادات حزب البعث في سوريا قد أيدوا حركة (فتح) أملا في استيعابها ثم السيطرة عليها ، وأيدوا عملياتها بعيدا عن الحدود السورية ، بينما كان حافظ الأسد قائد سلاح الجو آنذاك من أشد المعادين للحركة الذي استغل حادثة قتل أحمد عرابي ومحمد حشمة عام 1966 على أثر صراع النفوذ في ( فتح ) ليوطد مواقعه في حزب البعث . ويتم اعتقال القيادة الفلسطينية في دمشق التي لم تخرج من المعتقل إلا بعد وساطات عدة .
العمل الفدائي في الأردن :
على اثر معركة الكرامة الشهيرة ، وتحديدا في 14/4/1968 تم إعلان ياسر عرفات قائدا ومتحدثا رسميا باسم حركة (فتح) ليتواصل العمل المسلح في الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل مكثف وعبر الساحة الأردنية أساسا الأمر الذي رفع من أسهم حركة ( فتح ) التي واجهت صعوبات في استيعاب الأعداد الهائلة من المتطوعين ، الذين ضموا للتنظيم
والمليشيا وقواعد الفدائيين ، وانتشروا على خطوط المواجهة ليقوموا بالمئات من عمليات المواجهة وعمليات الفدائيين داخل فلسطين .
ثم كان الخروج المدوي لحركة المقاومة وحركة ( فتح ) من الأردن نهاية لتجربة ثورية ثرية ، وذلك اثر الأحداث الدامية من منتصف العام 1970 وحتى بداية العام 1971 نتيجة لاختلاف طبيعة النظام السياسي والحركة الفدائية وأهدافهما المتباينة ، ونتيجة تعمق الصراع على النفوذ في الأردن ، ولعب عدد من التنظيمات والمؤسسات والأطر الأردنية
لأوراق تعميق الشرخ ، والذي غذته عوامل إقليمية وعالمية .
السلطة الوطنية والمرحلية :
إلا أن الأثر الهام للخروج من الأردن كان تصعيد الحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وتصاعد الصراع على ( م.ت.ف) في ظل تنامي النفوذ السوري ، كما أنه منذ عام 1973 استطاعت حركة ( فتح ) وبعد عامين من العمليات الخارجية لمنظمة (أيلول الأسود) المحسوبة على فتح استطاعت تعزيز قوتها في المنظمة ، وتعزيز تواجدها المسلح في الجنوب اللبناني وبيروت والمخيمات الفلسطينية ، وبدأت الحركة بتكريس مفاهيم التنظيم ، والمؤسسات المدنية التي انتشرت في مراكز المجتمع الفلسطيني ، جنبا إلى جنب مع قواعد الفدائيين الذين لم تتوقف عملياتهم ضد الكيان الصهيوني .
وفي نفس العام تبنت حركة ( فتح ) بشكل واضح مفهوم (مرحلية النضال) السياسي حيث قبلت مقررات المجلس الوطني الفلسطيني ونقاطه العشر الداعية إلى إقامة السلطة الوطنية على أي شبر يتم تحريره أو استرداده ، إضافة لإمكانية التفاوض مع قوى السلام التقدمية الإسرائيلية لتنشأ حينها ( جبهة الرفض ) مقابل تيار القبول ممثلا بحركة ( فتح ) و
الجبهة الديمقراطية والصاعقة
في العام 1962 حضرت (فتح) احتفالات استقلال الجزائر ، ثم افتتحت مكتبها في العاصمة الجزائرية عام 1963 برئاسة خليل الوزير . و في العام 1963 أصبحت سوريا محطة مهمة لحركة ( فتح ) بعد قرار حزب البعث السوري السماح لها التواجد على الساحة السورية .
في العام 1964شارك 20 ممثلا عن حركة ( فتح ) في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني رغم اعتراضات ( فتح ) العلنية على منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها أداة للدول العربية أقيمت لاستباق صحوة الشعب الفلسطيني ، إلا أنها بالمقابل اعتبرتها ( إطار رسمي يحوز على شرعية عربية لا بد بالاحتفاظ به ) كما يقول خليل الوزير ، ثم يتم تثويره
قرار الانطلاقة :
في العام 1963 انتقل ياسر عرفات من الكويت إلى دمشق ليعمل على تطوير التنظيم على خط المواجهة في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين ، خاصة في ظل الدعم السوري الواضح آنذاك لحركة فتح . و بعد لقاءات طويلة وحوارات واستعدادات واستقالات نتيجة خلاف بين تيار (فتح) الرافض للانطلاقة المسلحة ممن سموا بالعقلانيين رغبة بتأجيلها لحين الجهوزية ، وبين تيار المجانين الذي مثله ياسر عرفات ، قررت قيادة (فتح) الموسعة بدء الكفاح
المسلح في 31/12/1964 باسم قوات (العاصفة) بالعملية الشهيرة التي تم فيها تفجير شبكة مياه إسرائيلية تحت اسم عملية ( نفق عيلبون ) ، ثم تواصلت عمليات حركة فتح تتصاعد منذ العام 1965 مسببة انزعاجا شديدا لإسرائيل والدول العربية التي لم تجد معظمها مناصا فيما بعد من الاعتراف بها ، وكان البيان السياسي الأول أن صدر في
28/1/1965 موضحا أن المخططات السياسية والعسكرية لحركة فتح لا تتعارض مع المخططات الرسمية الفلسطينية والعربية ، وأكدت الحركة لاحقا على ضرورة التعبئة العسكرية والتوريط الواعي للجماهير العربية .
الصراعات الفكرية :
ولم تمر هذه المرحلة على حركة ( فتح ) بسهولة إذ كان للصراعات الفكرية والسياسية في الأعوام (1973 – 1983 ) بروزا واضحا خاصة : في الموقف من السلطة والمؤتمر الدولي للتسوية ( مؤتمر جنيف) ثم لاحقا من الفساد والإفساد ، والقيادة المتنفذة ، مما أفرز عدة تيارات في عمق ما كان يسمى يسار فتح مثل ( جماعة السوفييت ) بزعامة نمر صالح (أبوصالح) وسعيد مراغة ( أبو موسى ) ، والخط الفيتنامي الذي دعى متبنوه لإنشاء حزب طليعي ثوري من بيئة حركة ( فتح ) ، وكذلك بروز الخط الماوي بزعامة منير شفيق ( أبو فادي ) الذي تحول لاحقا إلى إسلامي بعد ثورة الخميني 1979 ، مقابل الخط الفتحوي السائد ، والذي كان بارزا فيه كتلة اللجنة المركزية ومراكز قواها على الأرض خاصة في جهاز الغربي ( الأرض المحتلة) ، والأمن ، إلى جانب صراعات والتنظيم والميليشيا .
انشقاق أبو نضال :
في العام 1974 واجهت حركة فتح تحديا تنظيميا صعبا بخروج صبري البنا ( أبو نضال ) مدير مكتب الحركة في بغداد عن صفوف الحركة وتأسيسه لما أسماه حركة ( فتح ) – المجلس الثوري ، أو ما اشتهر لاحقا باسم ( جماعة أبو نضال ) التي لقيت الدعم المكثف من المخابرات العراقية في البداية ، ثم من مخابرات عدة دول أخرى لاحقا ، لا سيما في
سعي الجماعة المتشدد لرفض الحلول السلمية ( الاستسلامية) ، وفي قيامها بقتل عشرات القادة والكوادر الفلسطينيين على مساحة العالم ، ثم من كوادرها هي في تصفيات داخلية ، إلى أن قضى صبري البنا ( أبو نضال ) الذي يشار إليه كبندقية للإيجار حتفه في بغداد عام 2002 .
ولحق تحدي انشقاق ابو نضال ، اشتعال الحرب الأهلية اللبنانية في خضم المسيرة السياسية ومحاولات استبعاد ( م.ت.ف) ، وذلك منذ حادثة حافلة عين الرمانة في 13/4/1975 في بيروت التي أدخلت القضية والمنظمة و( فتح ) في صراعات مسلحة ضمن النسيج اللبناني ، والذي استدعى التدخل السوري المسلح منذ العام 1976 ، إلا أن الحركة استعادت قدرتها على ضبط الصراع التنظيمي السياسي ، وتوجيه العمل العسكري من لبنان وفي فلسطين عبر العديد من العمليات المميزة التي كان أشهرها عملية سافوي عام 1976 ثم عملية دلال المغربي عام 1978، وغيرها الكثير .
استراتيجية المرحلة اللبنانية :
كانت استراتيجية حركة ( فتح ) السياسية وأثر انخراطها في المسيرة السلمية في الفترة من ( 1973 – 1982 ) - ورغم ما شاب هذه الفترة من تحديات كبيرة تمثلت بعدد من الصراعات الفكرية والسياسية والتنظيمية والعسكرية الداخلية ، ورغم نشوب الحرب الداخلية اللبنانية والتدخل السوري في لبنان – كانت استراتيجية ( فتح ) تتركز على
أدراج مسألة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في جدول الأعمال السياسي ،
و ثانيا : مشاركة ( م.ت.ف) في أي مفاوضات متعلقة بحقوق الفلسطينيين ، لذلك ظهرت شعارات القرار
الفلسطيني المستقل بصوت عال ضد محاولات الهيمنة الإقليمية أو الحل من خلف ظهر الفلسطينيين ، وعليه كانت الموافقة على مقررات قمة فاس عام 1982 اثر الخروج من بيروت أسطورة الصمود .
مرحلة الانشقاق الكبير ( 1982 – 1983 ):
اختارت ( فتح ) بعد الخروج من لبنان أن تعمل على إعادة العلاقات مع كل من مصر التي كانت مقاطعة من قبل دول ( جبهة الصمود والتحدي ) بعد اتفاقية كامب ديفيد عام 1977 ، وان تنسج علاقات جديدة مع الأردن من خلال التنسيق المشترك والدعوة للكنفدرالية ، والمشاركة في المفاوضات _التي توجت بالتوقيع لاحقا على ما عرف بالاتفاق الأردني الفلسطيني عام 1985 -، ولكن مقدمات العلاقات السياسية الناشئة هذه لقيت معارضة سورية وليبية شديدة دفعت لتشرذم الساحة الفلسطينية للحد الأقصى وحصول الانشقاق في حركة ( فتح ) .
لقد كان للتحركات السياسية للقيادة الفلسطينية وإعلانها عدم اشتراط إلغاء معاهدة كامب ديفيد لاستئناف العلاقات مع مصر ، وتواصل الحوار مع الأردن واستغلال المنشقين للشعور بالإحباط والمرارة بين قواعد الحركة في سوريا ان أصدروا مذكرة داخلية انتقدت التركيز على الهم الفلسطيني دون البعد العربي ، وعدم الجدية في النضال في الضفة ،
وشكل التنظيم وانتشار البيروقراطية والعشائرية والبرجزة والفردية والفساد كما قالوا ، كما كان للشعور بعدم الأمان بين عسكريي فتح دافعا للتمرد ، إضافة للدور السوري المساند والدورالليبي الداعم ماليا .
قام سعيد مراغة ( أبو موسى ) من مقره في الحمّارة بسهل البقاع بتنسيق الاتصالات بالضباط المتعاطفين مع الانشقاق منذ إبريل عام 1983 ، وفي أوائل الشهر التالي اتفق أبو صالح وقدري وأبو موسى وأبو خالد العملة مع عدد من التنظيمات الأخرى كان من بينها جماعة (ابو نضال ) على ما أسموه ( تصحيح مسار الثورة ) ، فأمر ياسر عرفات
بنقل 40 ضابطا معارضا بمن فيهم ابو موسى وأبو خالد العملة إلى المقر الرئيسي ل (م.ت.ف) في تونس إلا أنه في 9/5/1983 استولى أبو موسى على قيادة قوات اليرموك بعد أن تسلم 60 طنا من الأسلحة عبر الاستخبارات السورية ، وأعلن مع شركائه ما أسموه ( الحركة التصحيحية ) في ( فتح ) والتي عرفت لاحقا باسم (فتح-الانتفاضة) ، وأيده بذلك أبو صالح وقدري في دمشق ثم زياد الصغير وواصف عريقات ومحمود عيسى وغيرهم من كبار
الضباط .
ورغم اقتراحات الحلول الكثيرة والوساطات إلا ان الشق تعمق والمأزق كبر مما دفع المنشقين للتصعيد العسكري بدأ من 18 – 19/6 ، حيث هاجموا قوات فتح الموالية في تعنايل وتعلبايا بدعم دبابات الجبهة الشعبية-القيادة العامة الموالية لسوريا ، واحتلت القوات السورية معسكر حمّورية ومواقع ( فتح ) في البقاع ، وحاولت اغتيال ياسر عرفات ثم قامت بطرده وخليل الوزير في 24/6 ليظهر في طرابلس منذ شهر سبتمبر ، لتبدأ الحرب السورية الليبية مع المنشقين على ( م.ت.ف) و( فتح ) وفي طرابلس منذ 2/11 وحتى ديسمبر حيث غادر ياسر عرفات والقوات الفلسطينية طرابلس بحرا إلى القاهرة .
تكريس القرار الفلسطيني المستقل :
عقدت فتح المجلس الوطني الفلسطيني ال17 في عمان من 22-29/11/1984 بتجاوز محاولات الالتفاف والانشقاق والهيمنة على القرار الفلسطيني المستقل ومقرّة دبلوماسية تعتمد قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالمسألة الفلسطينية التي ألحقت بالاتفاق الأردني الفلسطيني الذي اعترف بالقرار 242 ضمنا ، وكان ثمن القرار المستقل على الأرض ( حرب المخيمات ) عام 1985 – 1986 والموجهة أيضا ضد عودة الوجود الفلسطيني والفتحوي إلى
لبنان ،تلك الحرب التي أودت بحياة بالمئات . ثم محاولة الأردن اثر إلغاء ( فتح ) لاتفاق عمان دعم ما سمى ( الحركة التصحيحية لمحاربة الفساد والانحراف السياسي ) في قيادة (م.ت.ف) بقيادة أبو الزعيم عام 1986 والتي باءت محاولته اليائسة بالفشل الذريع
مرحلة الانتفاضة ( 1987-1994):
إثر حادث صدم شاحنة إسرائيلية كبيرة عمدا (في 8/12/1987) لسيارتين كانتا تقلان عمالا من مخيم جباليا في قطاع غزة نتج عنه استشهاد أربعة منهم ، أدى لحدوث اضطرابات في مخيم جباليا تحولت لمواجهات عنيفة في كامل قطاع غزة والضفة الغربية ، وعمت الأراضي المحتلة طوال شهر ديسمبر موجة لا سابق لها من التظاهرات الشعبية
والاضطرابات التجارية على نطاق لم يرى نظيره تم مواجهته بسياسة (رابين) القاضية بتكسير العظام ،
وقد مرت الانتفاضة بثلاث مراحل :
المرحلة الأولى : مرحلة المواجهة الجماهيرية الشاملة من إضرابات وتظاهرات عارمة ومنظمة وخرق لحظر التجول ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية .
المرحلة الثانية : مرحلة البناء المؤسساتي ، حيث ركزت مختلف الفصائل وعلى رأسها حركة(فتح ) وحركة (حماس ) وتنظيمات اليسار على بناء الأطر الموازية لأطر الاحتلال مع تواصل فعاليات الانتفاضة المختلفة.
المرحلة الثالثة : مرحلة العمليات المسلحة .والتي لم تؤثر على صورة الانتفاضة باعتبارها مواجهات جماهيرية شاملة.وكان خليل الوزير (أبو جهاد ) العقل المدبر والموجه للانتفاضة التي كانت تصدر بياناتها بالوطن من قبل (القيادة الوطنية الموحدة ) التي كان أبرز فصائلها حركة (فتح) التي أعلنت ومنظمات (م.ت.ف) منذ العام في دورة
المجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر عام1988 إعلان قيام دولة فلسطين ، والاعتراف بإسرائيل عبر الاعتراف بالقرار242 ، الذي لحقه الانخراط بالتسوية من خلال مؤتمر مدريد عام 1991 وما أفضت إليه المحادثات السرية بين قيادة المنظمة وحركة (فتح) بإدارة ياسر عرفات ومحمود عباس وأحمد قريع ما عرف باتفاقات أوسلو .
أوسلو 1993 والدخول للوطن
انشطرت الساحة الفلسطينية ما بين مؤيد ومعارض لاتفاقات السلام التي وقعت في أوسلو ثم في واشنطن في 13/9/1993 وذلك بين (م.ت.ف) والحكومة الإسرائيلية ، وكذلك الأمر داخل حركة ( فتح ) حيث اعتبر الرأي السائد ان الحركة دخلت عبر اتفاق أوسلو ضمن الممر الإجباري ، فكان الدخول للوطن منذ 1994 لكوادر ( م.ت.ف) بداية لصنع المصير على الأرض لتقام أول ديمقراطية فلسطينية وانتخابات نيابية ، وانتخاب رئيس للسلطة
الوطنية .
وعلى صعيد الحركة تم تسمية محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة كأقاليم في الحركة ، و جرت انتخابات لمعظم المناطق والأقاليم والتي شارك فيها آلاف الكوادر من ذوي التجارب المختلفة ( تجربة الحركة الأسيرة والأسرى المحررين ، تجربة لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي ، تجربة الغربي –جهاز الأرض المحتلة ، تجربة اللجنة الحركية العليا وقبلها اللجان السياسية ، وتجربة التنظيم في الخارج ، وصولا لإعادة تشكيل مكتب التعبئة والتنظيم في العام 2002 ، وذلك في خضم انتفاضة الأقصى والقدس والاستقلال ) .
ورغم ما شاب عمليات الانتخابات من خروج عن النظام الأساسي لحركة ( فتح) ، إلا أن قيادة الحركة اكتشفت ضرورة التعديل والتغيير في النظام بما يتلاءم مع طبيعة الكثافة الحركية وتمازج التجارب واستيعاب الكوادر وضخ روح جديدة وربما فكر جديد .
مؤتمرات حركة ( فتح ):
عقدت حركة ( فتح ) مؤتمرا في الكويت عام 1962 تم فيه رسم أهداف العمل وخططه وثبت فيه الهيكل التنظيمي ووزعت فيه مهمات القيادة ، وعقدت مؤتمرا آخر في دمشق أواخر العام 1963 حيث ركزت على زيادة العضوية ، وعلى تأمين الدعم العربي وغير العربي . ويشار إلى الاجتماعات التي عقدت لإقرار موعد الانطلاقة أواخر 1964 على أنها المؤتمر العام الأول .
في العام 1967 وتحديدا في 12 حزيران أي بعد النكسة عقد في دمشق مؤتمر حضره 35 كادرا دعا لتواصل العمليات العسكرية وحرب العصابات باستثناء قلة من أعضاء اللجنة المركزية العليا التي تواجدت حينها بين الكويت ودمشق ، ووضعت خطة تهدف إلى : تحضير العمل العسكري والمقاومة المدنية ، ولكسب الحكومات العربية والدعم المادي ، وإقامة إذاعة ، وتم تأليف اللجان لإدارة الشؤون العسكرية والتنظيمية . وشكلت اللجنة المركزية الجديدة التي كلف فيها ياسر عرفات وآخرين ببناء قواعد عسكرية سرية في الأراضي المحتلة .وفي 28/8/1967 أعلنت فتح انطلاقتها الثانية .
عقدت الحركة مؤتمرها الثاني في الزبداني قرب دمشق في يوليو 1968، وبرزت في المؤتمر الدعوة لإحياء إطار المجلس الثوري المنصوص عليه في ( هيكل البناء الثوري) لمراقبة عمل ل.م. ع أي اللجنة المركزية العليا ، وتم في هذا المؤتمر انتخاب لجنة مركزية جديدة من 10 أعضاء وفي أوائل سبتمبر 1971 عقد المؤتمر العام الثالث لحركة ( فتح ) والذي التهبت فيه النقاشات حول أسباب الأحداث الدامية في الأردن والخروج منها ، واتهم فيها جهاز الرصد الثوري بالتقصير وأدينت بيروقراطية العلاقة بين م.ت.ف وحركة ( فتح) ، وتمت الدعوة لتكريس القيادة الجماعية ، وبرز في المؤتمر تيار القيادة من جهة وتيار اليسار الذي قدم مذكرة في المؤتمر عبرت عن انتقادهم لدور الأجهزة على حساب التنظيم وظهور مراكز قوى . إلا أن اللجنة المركزية تغلبت على التحديات والصعاب في المؤتمر وأعيد انتخابهم مع إضافات جديدة ، وتم إقرار النظام الداخلي لحركة ( فتح ) الذي توضحت فيه بصورة أكبر مهمات المجلس الثوري ، كما اعتمدت المركزية الديمقراطية كأسلوب حياة في التنظيم ، وأقرت عضوية العرب في التنظيم لأول مرة .
جاء المؤتمر الرابع في ظل تنامي المد اليساري في حركة ( فتح ) وقناعته بقدرته الذاتية واستناده للحائط السوري والمعارضة الفلسطينية مما مكنهم من إدخال عضوين جديدين للجنة المركزية وهما سميح أبو كويك ( قدري ) وماجد أبو شرار إلى جانب نمر صالح ( أبو صالح ) وأدخلوا أعداد أخرى إلى المجلس الثوري كان منهم موسى العملة ( أبو خالد العملة ) وسعيد مراغة ( أبو موسى ) ، مقابل انتخاب هاني الحسن ورفيق النتشة وسعد صايل من تيار القائد العام أعضاء في اللجنة المركزية للحركة ،عقد المؤتمر الذي ضم 500 عضوا في دمشق شهر مايو 1980 ليقر أن الولايات المتحدة العدو الرئيسي لفلسطين ، ودعا لتحالف وثيق مع الاتحاد السوفيتي ، وكان من أبرز التعديلات النظامية تخصيص مالا يقل عن 50 % من المقاعد للعسكريين وتوسيع المجلس الثوري .
في شهر أغسطس 1988عقد المؤتمر العام الخامس لحركة (فتح) بحضور أكثر من 1000 عضو ، وفيه وسعت اللجنة المركزية وانشيء مكتب سياسي ( لم يعمل به ) وكونفرس ، وكرس منصب القائد العام ، وأكد المؤتمر على تصعيد الكفاح المسلح ، و على تواصل العمل السياسي
يتبع
فتح ديمومة الثورة والعاصفة شعلة الكفاح المسلح
حركة فتح ( دراسة للكوادر ) ...حركة فتح ( دراسة للكوادر )
ديمومة الثورة والعاصفة شعلة الكفاح المسلح
1957-2003
حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) تمثل التنظيم الفلسطيني الذي ارتبطت الثورة الفلسطينية باسمه ، باعتبار ان انطلاقته في العام 1965 مثلت الانبعاث الحقيقي للوطنية الفلسطينية والكفاح المسلح من خلال كوكبة من الشباب الفلسطيني الذي تجمع على شكل بؤر تنظيمية متناثرة في كل من فلسطين ودول الطوق المحيطة بفلسطين وفي عدد
من دول الخليج العربي وأوروبا الغربية لا سيما ألمانيا والنمسا لينشئ تنظيما فلسطينيا مستقلا يهدف لتحرير فلسطين وإقامة دولة ديمقراطية ومجتمع تقدمي فيها .
النشأة :
يمثل العام 1957 نشأة حركة فتح التي أتت في الحقيقة من تلاقي الأفكار الثورية لعدد من البؤر التنظيمية المنتشرة منذ عام 1948 ، هذه الأفكار التي مثلت لدى أعضاء هذه البؤر ردا على النكبة وعلى العدوان الثلاثي 1956، وعلى فقدان مصداقية الأحزاب السياسية التي كانت منتشرة في الساحة آنذاك ، وعلى الرغبة في استقلالية العمل
الوطني الفلسطيني خاصة بعد تجميد عمليات الفدائيين من قبل السلطات المصرية عام 1957
1.
العمل المسلح والعمل النقابي :
يشار بقوة إلى دور رابطة الطلبة الفلسطينية في الجامعات المصرية ، وخاصة منذ تسلم ياسر عرفات رئاسة الرابطة ( 1952 – 1956 ) والدور العربي والعالمي الذي لعبته في بعث القضية الفلسطينية وحتى تأسيس الاتحاد عام 1959.
منذ العام 1954 ابتدأ خليل الوزير )أبو جهاد( أحد أبرز مؤسسي حركة (فتح) العمل المسلح ضمن مجموعات فدائية صغيرة ، وفي يوليو 1957 كتب مذكرة لقيادة جماعة الأخوان المسلمين في غزة يحثهم فيها على تأسيس تنظيم خاص يرفع شعار تحرير فلسطين عبر الكفاح المسلح ، ورفضت الجماعة دعوته لتنضم أعداد كبيرة من الكوادر لتنظيم ( فتح ) الناشئ لاحقا أمثال ( سليم الزعنون وصلاح خلف وأسعد الصفطاوي ، وكمال عدوان ومحمد يوسف
النجار وسعيد المزين وغالب الوزير من قطاع غزة ، ومحمد غنيم ومحمد أبو سردانة من الضفة الفلسطينية ) .
الاجتماع التأسيسي :
يشار دوما في أدبيات حركة (فتح) إلى أواخر العام 1957 في الكويت أنه عقد لقاء ضم ستة أشخاص هم : ياسر عرفات وخليل الوزير وعادل عبدالكريم وعبد الله الدنان ويوسف عميرة وتوفيق شديد بحيث اعتبر اللقاء التأسيسي الأول لحركة ( فتح ) رغم انقطاع الأخيرين عن التواصل بعد فترة وجيزة ، وصاغ المؤسسون ما سمي ( هيكل البناء الثوري ) و(بيان حركتنا ) واتفقوا على اسم الحركة للأحرف الأولى للتنظيم مقلوبة من حتوف ثم حتف إلى فتح . وتبع ذلك انضمام أعضاء جدد منذ 1959 كان أبرزهم صلاح خلف وخالد الحسن .
مجلة فلسطيننا :
في العام 1959 ظهرت ( فتح ) من خلال منبرها الإعلامي الأول مجلة ( فلسطيننا – نداء الحياة ) التي صدرت في بيروت منذ شهر نوفمبر ، والتي أدارها توفيق حوري وهو نفس العام الذي شهد اندماج معظم البؤر التنظيمية الثورية المنتشرة المتشابهة الأهداف والتي حققت أوسع استقطاب حينها شمل ما يزيد على 500 عضو .
قامت مجلة ( فلسطيننا ) بمهمة التعريف بحركة فتح ونشر فكرها ما بين 1959 – 1964 واستقطبت من خلالها عديد من المجموعات التنظيمية الثورية الأخرى ، فانضم تلك الفترة كل من عبد الفتاح حمود وماجد أبو شرار وأحمد قريع وفاروق قدومي وصخر حبش وهاني الحسن وهايل عبد الحميد ومحمود عباس ويحيى عاشور وزكريا عبد الحميد وسميح أبو كويك وعباس زكي وغيرهم الكثير إلى صفوف الحركة الناشئة .
تطور العلاقات العربية:
مجلس الطوارئ :
شكلت الحركة ( مجلس الطوارئ) عام 1965 برئاسة ياسر عرفات في دمشق مما زاد شقة الخلاف مع أعضاء اللجنة المركزية في الكويت الذين رفضوا الانطلاقة ، وكان الكثير من قيادات حزب البعث في سوريا قد أيدوا حركة (فتح) أملا في استيعابها ثم السيطرة عليها ، وأيدوا عملياتها بعيدا عن الحدود السورية ، بينما كان حافظ الأسد قائد سلاح الجو آنذاك من أشد المعادين للحركة الذي استغل حادثة قتل أحمد عرابي ومحمد حشمة عام 1966 على أثر صراع النفوذ في ( فتح ) ليوطد مواقعه في حزب البعث . ويتم اعتقال القيادة الفلسطينية في دمشق التي لم تخرج من المعتقل إلا بعد وساطات عدة .
العمل الفدائي في الأردن :
على اثر معركة الكرامة الشهيرة ، وتحديدا في 14/4/1968 تم إعلان ياسر عرفات قائدا ومتحدثا رسميا باسم حركة (فتح) ليتواصل العمل المسلح في الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل مكثف وعبر الساحة الأردنية أساسا الأمر الذي رفع من أسهم حركة ( فتح ) التي واجهت صعوبات في استيعاب الأعداد الهائلة من المتطوعين ، الذين ضموا للتنظيم
والمليشيا وقواعد الفدائيين ، وانتشروا على خطوط المواجهة ليقوموا بالمئات من عمليات المواجهة وعمليات الفدائيين داخل فلسطين .
ثم كان الخروج المدوي لحركة المقاومة وحركة ( فتح ) من الأردن نهاية لتجربة ثورية ثرية ، وذلك اثر الأحداث الدامية من منتصف العام 1970 وحتى بداية العام 1971 نتيجة لاختلاف طبيعة النظام السياسي والحركة الفدائية وأهدافهما المتباينة ، ونتيجة تعمق الصراع على النفوذ في الأردن ، ولعب عدد من التنظيمات والمؤسسات والأطر الأردنية
لأوراق تعميق الشرخ ، والذي غذته عوامل إقليمية وعالمية .
السلطة الوطنية والمرحلية :
إلا أن الأثر الهام للخروج من الأردن كان تصعيد الحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة وتصاعد الصراع على ( م.ت.ف) في ظل تنامي النفوذ السوري ، كما أنه منذ عام 1973 استطاعت حركة ( فتح ) وبعد عامين من العمليات الخارجية لمنظمة (أيلول الأسود) المحسوبة على فتح استطاعت تعزيز قوتها في المنظمة ، وتعزيز تواجدها المسلح في الجنوب اللبناني وبيروت والمخيمات الفلسطينية ، وبدأت الحركة بتكريس مفاهيم التنظيم ، والمؤسسات المدنية التي انتشرت في مراكز المجتمع الفلسطيني ، جنبا إلى جنب مع قواعد الفدائيين الذين لم تتوقف عملياتهم ضد الكيان الصهيوني .
وفي نفس العام تبنت حركة ( فتح ) بشكل واضح مفهوم (مرحلية النضال) السياسي حيث قبلت مقررات المجلس الوطني الفلسطيني ونقاطه العشر الداعية إلى إقامة السلطة الوطنية على أي شبر يتم تحريره أو استرداده ، إضافة لإمكانية التفاوض مع قوى السلام التقدمية الإسرائيلية لتنشأ حينها ( جبهة الرفض ) مقابل تيار القبول ممثلا بحركة ( فتح ) و
الجبهة الديمقراطية والصاعقة
في العام 1962 حضرت (فتح) احتفالات استقلال الجزائر ، ثم افتتحت مكتبها في العاصمة الجزائرية عام 1963 برئاسة خليل الوزير . و في العام 1963 أصبحت سوريا محطة مهمة لحركة ( فتح ) بعد قرار حزب البعث السوري السماح لها التواجد على الساحة السورية .
في العام 1964شارك 20 ممثلا عن حركة ( فتح ) في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني رغم اعتراضات ( فتح ) العلنية على منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها أداة للدول العربية أقيمت لاستباق صحوة الشعب الفلسطيني ، إلا أنها بالمقابل اعتبرتها ( إطار رسمي يحوز على شرعية عربية لا بد بالاحتفاظ به ) كما يقول خليل الوزير ، ثم يتم تثويره
قرار الانطلاقة :
في العام 1963 انتقل ياسر عرفات من الكويت إلى دمشق ليعمل على تطوير التنظيم على خط المواجهة في لبنان وسوريا والأردن وفلسطين ، خاصة في ظل الدعم السوري الواضح آنذاك لحركة فتح . و بعد لقاءات طويلة وحوارات واستعدادات واستقالات نتيجة خلاف بين تيار (فتح) الرافض للانطلاقة المسلحة ممن سموا بالعقلانيين رغبة بتأجيلها لحين الجهوزية ، وبين تيار المجانين الذي مثله ياسر عرفات ، قررت قيادة (فتح) الموسعة بدء الكفاح
المسلح في 31/12/1964 باسم قوات (العاصفة) بالعملية الشهيرة التي تم فيها تفجير شبكة مياه إسرائيلية تحت اسم عملية ( نفق عيلبون ) ، ثم تواصلت عمليات حركة فتح تتصاعد منذ العام 1965 مسببة انزعاجا شديدا لإسرائيل والدول العربية التي لم تجد معظمها مناصا فيما بعد من الاعتراف بها ، وكان البيان السياسي الأول أن صدر في
28/1/1965 موضحا أن المخططات السياسية والعسكرية لحركة فتح لا تتعارض مع المخططات الرسمية الفلسطينية والعربية ، وأكدت الحركة لاحقا على ضرورة التعبئة العسكرية والتوريط الواعي للجماهير العربية .
الصراعات الفكرية :
ولم تمر هذه المرحلة على حركة ( فتح ) بسهولة إذ كان للصراعات الفكرية والسياسية في الأعوام (1973 – 1983 ) بروزا واضحا خاصة : في الموقف من السلطة والمؤتمر الدولي للتسوية ( مؤتمر جنيف) ثم لاحقا من الفساد والإفساد ، والقيادة المتنفذة ، مما أفرز عدة تيارات في عمق ما كان يسمى يسار فتح مثل ( جماعة السوفييت ) بزعامة نمر صالح (أبوصالح) وسعيد مراغة ( أبو موسى ) ، والخط الفيتنامي الذي دعى متبنوه لإنشاء حزب طليعي ثوري من بيئة حركة ( فتح ) ، وكذلك بروز الخط الماوي بزعامة منير شفيق ( أبو فادي ) الذي تحول لاحقا إلى إسلامي بعد ثورة الخميني 1979 ، مقابل الخط الفتحوي السائد ، والذي كان بارزا فيه كتلة اللجنة المركزية ومراكز قواها على الأرض خاصة في جهاز الغربي ( الأرض المحتلة) ، والأمن ، إلى جانب صراعات والتنظيم والميليشيا .
انشقاق أبو نضال :
في العام 1974 واجهت حركة فتح تحديا تنظيميا صعبا بخروج صبري البنا ( أبو نضال ) مدير مكتب الحركة في بغداد عن صفوف الحركة وتأسيسه لما أسماه حركة ( فتح ) – المجلس الثوري ، أو ما اشتهر لاحقا باسم ( جماعة أبو نضال ) التي لقيت الدعم المكثف من المخابرات العراقية في البداية ، ثم من مخابرات عدة دول أخرى لاحقا ، لا سيما في
سعي الجماعة المتشدد لرفض الحلول السلمية ( الاستسلامية) ، وفي قيامها بقتل عشرات القادة والكوادر الفلسطينيين على مساحة العالم ، ثم من كوادرها هي في تصفيات داخلية ، إلى أن قضى صبري البنا ( أبو نضال ) الذي يشار إليه كبندقية للإيجار حتفه في بغداد عام 2002 .
ولحق تحدي انشقاق ابو نضال ، اشتعال الحرب الأهلية اللبنانية في خضم المسيرة السياسية ومحاولات استبعاد ( م.ت.ف) ، وذلك منذ حادثة حافلة عين الرمانة في 13/4/1975 في بيروت التي أدخلت القضية والمنظمة و( فتح ) في صراعات مسلحة ضمن النسيج اللبناني ، والذي استدعى التدخل السوري المسلح منذ العام 1976 ، إلا أن الحركة استعادت قدرتها على ضبط الصراع التنظيمي السياسي ، وتوجيه العمل العسكري من لبنان وفي فلسطين عبر العديد من العمليات المميزة التي كان أشهرها عملية سافوي عام 1976 ثم عملية دلال المغربي عام 1978، وغيرها الكثير .
استراتيجية المرحلة اللبنانية :
كانت استراتيجية حركة ( فتح ) السياسية وأثر انخراطها في المسيرة السلمية في الفترة من ( 1973 – 1982 ) - ورغم ما شاب هذه الفترة من تحديات كبيرة تمثلت بعدد من الصراعات الفكرية والسياسية والتنظيمية والعسكرية الداخلية ، ورغم نشوب الحرب الداخلية اللبنانية والتدخل السوري في لبنان – كانت استراتيجية ( فتح ) تتركز على
أدراج مسألة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في جدول الأعمال السياسي ،
و ثانيا : مشاركة ( م.ت.ف) في أي مفاوضات متعلقة بحقوق الفلسطينيين ، لذلك ظهرت شعارات القرار
الفلسطيني المستقل بصوت عال ضد محاولات الهيمنة الإقليمية أو الحل من خلف ظهر الفلسطينيين ، وعليه كانت الموافقة على مقررات قمة فاس عام 1982 اثر الخروج من بيروت أسطورة الصمود .
مرحلة الانشقاق الكبير ( 1982 – 1983 ):
اختارت ( فتح ) بعد الخروج من لبنان أن تعمل على إعادة العلاقات مع كل من مصر التي كانت مقاطعة من قبل دول ( جبهة الصمود والتحدي ) بعد اتفاقية كامب ديفيد عام 1977 ، وان تنسج علاقات جديدة مع الأردن من خلال التنسيق المشترك والدعوة للكنفدرالية ، والمشاركة في المفاوضات _التي توجت بالتوقيع لاحقا على ما عرف بالاتفاق الأردني الفلسطيني عام 1985 -، ولكن مقدمات العلاقات السياسية الناشئة هذه لقيت معارضة سورية وليبية شديدة دفعت لتشرذم الساحة الفلسطينية للحد الأقصى وحصول الانشقاق في حركة ( فتح ) .
لقد كان للتحركات السياسية للقيادة الفلسطينية وإعلانها عدم اشتراط إلغاء معاهدة كامب ديفيد لاستئناف العلاقات مع مصر ، وتواصل الحوار مع الأردن واستغلال المنشقين للشعور بالإحباط والمرارة بين قواعد الحركة في سوريا ان أصدروا مذكرة داخلية انتقدت التركيز على الهم الفلسطيني دون البعد العربي ، وعدم الجدية في النضال في الضفة ،
وشكل التنظيم وانتشار البيروقراطية والعشائرية والبرجزة والفردية والفساد كما قالوا ، كما كان للشعور بعدم الأمان بين عسكريي فتح دافعا للتمرد ، إضافة للدور السوري المساند والدورالليبي الداعم ماليا .
قام سعيد مراغة ( أبو موسى ) من مقره في الحمّارة بسهل البقاع بتنسيق الاتصالات بالضباط المتعاطفين مع الانشقاق منذ إبريل عام 1983 ، وفي أوائل الشهر التالي اتفق أبو صالح وقدري وأبو موسى وأبو خالد العملة مع عدد من التنظيمات الأخرى كان من بينها جماعة (ابو نضال ) على ما أسموه ( تصحيح مسار الثورة ) ، فأمر ياسر عرفات
بنقل 40 ضابطا معارضا بمن فيهم ابو موسى وأبو خالد العملة إلى المقر الرئيسي ل (م.ت.ف) في تونس إلا أنه في 9/5/1983 استولى أبو موسى على قيادة قوات اليرموك بعد أن تسلم 60 طنا من الأسلحة عبر الاستخبارات السورية ، وأعلن مع شركائه ما أسموه ( الحركة التصحيحية ) في ( فتح ) والتي عرفت لاحقا باسم (فتح-الانتفاضة) ، وأيده بذلك أبو صالح وقدري في دمشق ثم زياد الصغير وواصف عريقات ومحمود عيسى وغيرهم من كبار
الضباط .
ورغم اقتراحات الحلول الكثيرة والوساطات إلا ان الشق تعمق والمأزق كبر مما دفع المنشقين للتصعيد العسكري بدأ من 18 – 19/6 ، حيث هاجموا قوات فتح الموالية في تعنايل وتعلبايا بدعم دبابات الجبهة الشعبية-القيادة العامة الموالية لسوريا ، واحتلت القوات السورية معسكر حمّورية ومواقع ( فتح ) في البقاع ، وحاولت اغتيال ياسر عرفات ثم قامت بطرده وخليل الوزير في 24/6 ليظهر في طرابلس منذ شهر سبتمبر ، لتبدأ الحرب السورية الليبية مع المنشقين على ( م.ت.ف) و( فتح ) وفي طرابلس منذ 2/11 وحتى ديسمبر حيث غادر ياسر عرفات والقوات الفلسطينية طرابلس بحرا إلى القاهرة .
تكريس القرار الفلسطيني المستقل :
عقدت فتح المجلس الوطني الفلسطيني ال17 في عمان من 22-29/11/1984 بتجاوز محاولات الالتفاف والانشقاق والهيمنة على القرار الفلسطيني المستقل ومقرّة دبلوماسية تعتمد قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالمسألة الفلسطينية التي ألحقت بالاتفاق الأردني الفلسطيني الذي اعترف بالقرار 242 ضمنا ، وكان ثمن القرار المستقل على الأرض ( حرب المخيمات ) عام 1985 – 1986 والموجهة أيضا ضد عودة الوجود الفلسطيني والفتحوي إلى
لبنان ،تلك الحرب التي أودت بحياة بالمئات . ثم محاولة الأردن اثر إلغاء ( فتح ) لاتفاق عمان دعم ما سمى ( الحركة التصحيحية لمحاربة الفساد والانحراف السياسي ) في قيادة (م.ت.ف) بقيادة أبو الزعيم عام 1986 والتي باءت محاولته اليائسة بالفشل الذريع
مرحلة الانتفاضة ( 1987-1994):
إثر حادث صدم شاحنة إسرائيلية كبيرة عمدا (في 8/12/1987) لسيارتين كانتا تقلان عمالا من مخيم جباليا في قطاع غزة نتج عنه استشهاد أربعة منهم ، أدى لحدوث اضطرابات في مخيم جباليا تحولت لمواجهات عنيفة في كامل قطاع غزة والضفة الغربية ، وعمت الأراضي المحتلة طوال شهر ديسمبر موجة لا سابق لها من التظاهرات الشعبية
والاضطرابات التجارية على نطاق لم يرى نظيره تم مواجهته بسياسة (رابين) القاضية بتكسير العظام ،
وقد مرت الانتفاضة بثلاث مراحل :
المرحلة الأولى : مرحلة المواجهة الجماهيرية الشاملة من إضرابات وتظاهرات عارمة ومنظمة وخرق لحظر التجول ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية .
المرحلة الثانية : مرحلة البناء المؤسساتي ، حيث ركزت مختلف الفصائل وعلى رأسها حركة(فتح ) وحركة (حماس ) وتنظيمات اليسار على بناء الأطر الموازية لأطر الاحتلال مع تواصل فعاليات الانتفاضة المختلفة.
المرحلة الثالثة : مرحلة العمليات المسلحة .والتي لم تؤثر على صورة الانتفاضة باعتبارها مواجهات جماهيرية شاملة.وكان خليل الوزير (أبو جهاد ) العقل المدبر والموجه للانتفاضة التي كانت تصدر بياناتها بالوطن من قبل (القيادة الوطنية الموحدة ) التي كان أبرز فصائلها حركة (فتح) التي أعلنت ومنظمات (م.ت.ف) منذ العام في دورة
المجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر عام1988 إعلان قيام دولة فلسطين ، والاعتراف بإسرائيل عبر الاعتراف بالقرار242 ، الذي لحقه الانخراط بالتسوية من خلال مؤتمر مدريد عام 1991 وما أفضت إليه المحادثات السرية بين قيادة المنظمة وحركة (فتح) بإدارة ياسر عرفات ومحمود عباس وأحمد قريع ما عرف باتفاقات أوسلو .
أوسلو 1993 والدخول للوطن
انشطرت الساحة الفلسطينية ما بين مؤيد ومعارض لاتفاقات السلام التي وقعت في أوسلو ثم في واشنطن في 13/9/1993 وذلك بين (م.ت.ف) والحكومة الإسرائيلية ، وكذلك الأمر داخل حركة ( فتح ) حيث اعتبر الرأي السائد ان الحركة دخلت عبر اتفاق أوسلو ضمن الممر الإجباري ، فكان الدخول للوطن منذ 1994 لكوادر ( م.ت.ف) بداية لصنع المصير على الأرض لتقام أول ديمقراطية فلسطينية وانتخابات نيابية ، وانتخاب رئيس للسلطة
الوطنية .
وعلى صعيد الحركة تم تسمية محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة كأقاليم في الحركة ، و جرت انتخابات لمعظم المناطق والأقاليم والتي شارك فيها آلاف الكوادر من ذوي التجارب المختلفة ( تجربة الحركة الأسيرة والأسرى المحررين ، تجربة لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي ، تجربة الغربي –جهاز الأرض المحتلة ، تجربة اللجنة الحركية العليا وقبلها اللجان السياسية ، وتجربة التنظيم في الخارج ، وصولا لإعادة تشكيل مكتب التعبئة والتنظيم في العام 2002 ، وذلك في خضم انتفاضة الأقصى والقدس والاستقلال ) .
ورغم ما شاب عمليات الانتخابات من خروج عن النظام الأساسي لحركة ( فتح) ، إلا أن قيادة الحركة اكتشفت ضرورة التعديل والتغيير في النظام بما يتلاءم مع طبيعة الكثافة الحركية وتمازج التجارب واستيعاب الكوادر وضخ روح جديدة وربما فكر جديد .
مؤتمرات حركة ( فتح ):
عقدت حركة ( فتح ) مؤتمرا في الكويت عام 1962 تم فيه رسم أهداف العمل وخططه وثبت فيه الهيكل التنظيمي ووزعت فيه مهمات القيادة ، وعقدت مؤتمرا آخر في دمشق أواخر العام 1963 حيث ركزت على زيادة العضوية ، وعلى تأمين الدعم العربي وغير العربي . ويشار إلى الاجتماعات التي عقدت لإقرار موعد الانطلاقة أواخر 1964 على أنها المؤتمر العام الأول .
في العام 1967 وتحديدا في 12 حزيران أي بعد النكسة عقد في دمشق مؤتمر حضره 35 كادرا دعا لتواصل العمليات العسكرية وحرب العصابات باستثناء قلة من أعضاء اللجنة المركزية العليا التي تواجدت حينها بين الكويت ودمشق ، ووضعت خطة تهدف إلى : تحضير العمل العسكري والمقاومة المدنية ، ولكسب الحكومات العربية والدعم المادي ، وإقامة إذاعة ، وتم تأليف اللجان لإدارة الشؤون العسكرية والتنظيمية . وشكلت اللجنة المركزية الجديدة التي كلف فيها ياسر عرفات وآخرين ببناء قواعد عسكرية سرية في الأراضي المحتلة .وفي 28/8/1967 أعلنت فتح انطلاقتها الثانية .
عقدت الحركة مؤتمرها الثاني في الزبداني قرب دمشق في يوليو 1968، وبرزت في المؤتمر الدعوة لإحياء إطار المجلس الثوري المنصوص عليه في ( هيكل البناء الثوري) لمراقبة عمل ل.م. ع أي اللجنة المركزية العليا ، وتم في هذا المؤتمر انتخاب لجنة مركزية جديدة من 10 أعضاء وفي أوائل سبتمبر 1971 عقد المؤتمر العام الثالث لحركة ( فتح ) والذي التهبت فيه النقاشات حول أسباب الأحداث الدامية في الأردن والخروج منها ، واتهم فيها جهاز الرصد الثوري بالتقصير وأدينت بيروقراطية العلاقة بين م.ت.ف وحركة ( فتح) ، وتمت الدعوة لتكريس القيادة الجماعية ، وبرز في المؤتمر تيار القيادة من جهة وتيار اليسار الذي قدم مذكرة في المؤتمر عبرت عن انتقادهم لدور الأجهزة على حساب التنظيم وظهور مراكز قوى . إلا أن اللجنة المركزية تغلبت على التحديات والصعاب في المؤتمر وأعيد انتخابهم مع إضافات جديدة ، وتم إقرار النظام الداخلي لحركة ( فتح ) الذي توضحت فيه بصورة أكبر مهمات المجلس الثوري ، كما اعتمدت المركزية الديمقراطية كأسلوب حياة في التنظيم ، وأقرت عضوية العرب في التنظيم لأول مرة .
جاء المؤتمر الرابع في ظل تنامي المد اليساري في حركة ( فتح ) وقناعته بقدرته الذاتية واستناده للحائط السوري والمعارضة الفلسطينية مما مكنهم من إدخال عضوين جديدين للجنة المركزية وهما سميح أبو كويك ( قدري ) وماجد أبو شرار إلى جانب نمر صالح ( أبو صالح ) وأدخلوا أعداد أخرى إلى المجلس الثوري كان منهم موسى العملة ( أبو خالد العملة ) وسعيد مراغة ( أبو موسى ) ، مقابل انتخاب هاني الحسن ورفيق النتشة وسعد صايل من تيار القائد العام أعضاء في اللجنة المركزية للحركة ،عقد المؤتمر الذي ضم 500 عضوا في دمشق شهر مايو 1980 ليقر أن الولايات المتحدة العدو الرئيسي لفلسطين ، ودعا لتحالف وثيق مع الاتحاد السوفيتي ، وكان من أبرز التعديلات النظامية تخصيص مالا يقل عن 50 % من المقاعد للعسكريين وتوسيع المجلس الثوري .
في شهر أغسطس 1988عقد المؤتمر العام الخامس لحركة (فتح) بحضور أكثر من 1000 عضو ، وفيه وسعت اللجنة المركزية وانشيء مكتب سياسي ( لم يعمل به ) وكونفرس ، وكرس منصب القائد العام ، وأكد المؤتمر على تصعيد الكفاح المسلح ، و على تواصل العمل السياسي
يتبع
تعليق