منظمة التحرير الفلسطينية
الأحزاب والفصائل الفلسطينية
مقدمـــة الـبـحــث
منذ اللحظات الأولى لهجرة الفلسطيني عن أرض الوطن، ونزوحه إلى البلاد العربية، والجزء المتبقي من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية)، انبرى يدافع عنها، على الصعوبات، التي كانت تواجهه، مستخدماً كافة الطرائق والوسائل.
اتخذت العمليات الفدائية صورة هجمات فردية متواصلة، داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بهدف مقاومة المحتل الغازي. واستمر العمل الفدائي الفلسطيني، بل ازداد مع مطلع الستينيات، حين أقيمت معسكرات لتدريب الفدائيين الفلسطينيين، في بعض الدول العربية، مثل: سورية، لبنان، الجزائر، مصر؛ وأصبح هؤلاء المتدربون النواة النضالية الفلسطينية.
لقد أسهم الكفاح المسلح بدور رئيسي وحاسم، في انبعاث الحركة الوطنية المستقلة للشعب الفلسطيني، وإحياء شخصيته الوطنية. واقترنت اليقظة المتجددة للوعي الوطني الفلسطيني، والنهضة المعاصرة للثورة الفلسطينية، بانطلاق حركة المقاومة المسلحة، التي سرعان ما رسخت جذورها في أعماق الجماهير الشعبية الفلسطينية، واضطلعت بدور مهم في تنظيمها وتعبئتها وتسليحها، وتمكينها من حمْل قضيتها الوطنية بأيديها، والمشاركة في المعركة مشاركة مستقلة. وأصبح الفدائي رمزاً، تلتف حوله جماهير الشعب الفلسطيني، في كلِّ مكان؛ وترى فيه تعبيراً عن خصوصيتها وانتمائها الوطني وهويتها المستقلة.
كان عام 1964 نقطة تحوّل في تاريخ فلسطين، من الناحيتَين: السياسية والعسكرية؛ إذ انعقد المؤتمر الفلسطيني الأول، في القدس، معلناً قيام منظمة التحرير الفلسطينية، برئاسة أحمد الشقيري. أذكى هذا الإعلان شعور الفلسطينيين القومي، فشرعوا يحملون السلاح؛ وازدادت عملياتهم المسلحة، بعد إعلان حركة "فتح" أول بلاغاتها العسكرية في الأول من يناير 1965.
لم يكن انطلاق الثورة الفلسطينية أمراً مُرتجَلاً، وإنما تمخضت به معاناة طويلة وتضحيات متواصلة، تراكمت حتى تفجرت في الأول من يناير 1965. وتمتد جذوره إلى ثورة القدس، عام 1920؛ وثورة يافا، عام 1921؛ مروراً بثورة البراق، عام 1929؛ وانتفاضة عز الدين القسام، التي أشعلت الثورة الكبرى في فلسطين، عام 1936.
وتمثّل منظمة التحرير الفلسطينية إحدى حركات التحرر الوطني المعاصرة، ورمزاً للإصرار والثبات؛ إذ إنها نشأت خارج أرضها المحتلة؛ ما جعلها فريدة متميزة، بين حركات التحرر الوطني، في الوطن العربي خاصةً، والعالم عامةً.
وإذا كانت المنظمة قد نشأت بجهود عربية حكومية، فإن تولِّي قيادتها، عام 1968، قد طور أساليبها وتنظيمها ومسيرتها؛ ما حقق للتنظيمات الشعبية، والفصائل والأحزاب الفلسطينية، دفعة قوية، أثرت حتى في مسيرتها، التي تعرضت في مراحلها المختلفة لظروف مد وجزر تستحق الدراسة.
اضطلعت منظمة التحرير الفلسطينية بالنضال، منذ نشأتها وحتى كفاحها السياسي الراهن، في مواجهة التعنت الإسرائيلي، المناهض للسلام العادل والشامل. وهي تمثّل شعباً عربياً، احتلت أرضه، فطفق يقاوم ويناضل من أجل استعادتها، حتى استطاع، في الثمانينيات من القرن العشرين، أن يفرض، بانتفاضة الحجارة، قضيته على العالم أجمع؛ ويحمل عدوّه على الاعتراف بها ممثلاً للشعب الفلسطيني
تعليق