مراسل الحروب وائل عصام 'الطيراوى' الفلسطينى اللاجئ من طيرة اللد وسط فلسطين المحتلة،هُجّرت اسرته وعائلته عام 1948 إلى الضفة ومن ثمّ غادر بعضهم إلى مصر، فيما توجه أخرون إلى الأردن وبعضهم إلى الكويت وقطر، ولكن والديه استقرا في قطر عام 1967 وتنقل بين المنافي كبقية أبناء شعبه.
وائل عصام غير متزوج ويبلغ من العمر 31 عاماً ، ولد فى قطر درس فى جامعة بغداد كلية الهندسة 'اليكترونك الاتصالات'، انتمى الى حزب البعث العراقى فى سن السابعة عشر من عمره، مارس العمل النقابى الطلابى من خلال ترأسه اتحاد الطلبة الفلسطينيين فى جامعة بغداد عام 1999م، ورئيس سكرتارية اتحاد الطلبة العرب عام 2001م ، وعمل رئيساً لتحرير النشرة الطلابية 'افاق فلسطينية' التى كانت تهتم فى الشؤون الفلسطينية، كما كان يكتب فى مجلة 'ألف باء' العراقية،والملف السياسى فى جريدة البيان الاماراتية، ويعزى هذه المحطة من حياته بأنها الاهم حينما كان طالباً فى جامعة بغداد ويمارس العمل السياسى من خلال تنظيم الندوات واللقاءات السياسية داخل اسوار جامعة بغداد ، والتي تهتم بالقضية الفلسطينية فساعدت على صقل شخصيته الاعلامية، وانخراطه فى الحقل الاعلامى وصولاً الى عمله فى قناة 'العربية' من خلال تغطيته المتميزة للعدوان الامريكى على العراق.
وائل عصام غير متزوج ويبلغ من العمر 31 عاماً ، ولد فى قطر درس فى جامعة بغداد كلية الهندسة 'اليكترونك الاتصالات'، انتمى الى حزب البعث العراقى فى سن السابعة عشر من عمره، مارس العمل النقابى الطلابى من خلال ترأسه اتحاد الطلبة الفلسطينيين فى جامعة بغداد عام 1999م، ورئيس سكرتارية اتحاد الطلبة العرب عام 2001م ، وعمل رئيساً لتحرير النشرة الطلابية 'افاق فلسطينية' التى كانت تهتم فى الشؤون الفلسطينية، كما كان يكتب فى مجلة 'ألف باء' العراقية،والملف السياسى فى جريدة البيان الاماراتية، ويعزى هذه المحطة من حياته بأنها الاهم حينما كان طالباً فى جامعة بغداد ويمارس العمل السياسى من خلال تنظيم الندوات واللقاءات السياسية داخل اسوار جامعة بغداد ، والتي تهتم بالقضية الفلسطينية فساعدت على صقل شخصيته الاعلامية، وانخراطه فى الحقل الاعلامى وصولاً الى عمله فى قناة 'العربية' من خلال تغطيته المتميزة للعدوان الامريكى على العراق.
الزميل داود عبد الكريم أجرى لقاءاً خاصاً مع الصحفى وائل عصام المتواجد حالياً بالقاهرة بعد ان تم ابعاده من قطاع غزة على ايدى مسلحين تابعين لحركة حماس ، تحدث ( وائل ) عن طريقة ابعاده من قطاع غزة وتجربته فيها وقارنها بما حدث له في زمن سابق عندما تم طرده من بغداد:
يقول وائل 'أهم مرحلة في حياتي كانت في بغداد، حيث عملت مراسلا مع قناة ' العربية ' لتغطية الحرب الأمريكية واحتلال العراق ، وخلال عملي قامت السلطات العراقية بسجني لمدة أسبوعين ، ووجهت لى تهمة التحريض على الإرهاب وبث صور وتقارير تحرض على العنف والإرهاب'، أثناء اعدادى لفليم عن ' جمهورية الفلوجة '.
ويضيف وجهت لي تهمة رسمية وتعرضت للمحاكمة، ولكن المحاكمة جمدت فيما بعد.. المثير للضحك أنه على الرغم من أنني خرجت بريئاً من التهم التي وجهت لي، إلا أن 'صولاغ' وزير الداخلية آنذاك في ظل حكومة الجعفري أصدر قراراً رسمياً بإبعادي، بنفس الطريقة التي أبعدت فيها من وطني'.
ويستوقف وائل خلال حديثه قليلاً ليتذكر زملائه الصحفيين الذين استشهدوا اثناء الحرب على العراق كل من الشهيد الصحفى على الخطيب والشهيدة اطوار بهجت والصحافى الفلسطينى مازن الطبيزى الذين كانوا معه ويرافقهم أثناء تغطية الحرب على العراق ،وكذلك الحادث المؤلم الذى تعرض له زميلى الصحفى جواد كاظم حيث تم اطلاق النار عليه واصيب على اثرها بالشلل النصفى وهو الان مذيع فى قناة العربية.
حياة الطرد والابعاد العراق وفلسطين
ولكن الفرق -حسب وائل- أنه عندما أبعد من بغداد أمهلته السلطات العراقية 24 ساعة لمغادرتها ذاتيا ، ومن دون مسلحين، فيما خرج من قطاع غزة برفقة مسلحين اجبروه على المغادره، حيث أخذوه من الفندق الذي ينزل فيه إلى معبر رفح الحدودي مع مصر.
لم يكن يتخيل (وائل عصام) أن يكون مصيره في وطنه مشابها لذلك المصير في بغداد، وعبر عن أسفه وحرجه الشديد لكونه طرد من وطنه، مشيراً إلى أن أحد المسلحين أخبره -عند وصولهم إلى المعبر- بأن 'خالد مشعل لا يريدك في غزة'، وانتابت وائل حالة من الذهول والغضب وخيبة الأمل ، عندما أجبر يوم السبت 7-2-2009 بواسطة مسلحين قالوا إنهم ينتمون إلى المباحث العامة التابعة لوزارة داخلية 'حماس' في غزة على مغادرة القطاع فوراً دون إبداء أي أسباب واضحة لذلك، سوى أنه غير مرغوب فيه في وطنه.
مواقف حركة حماس المتناقضة بين القبول والرفض
ويضيف وائل ' الغريب فى الامر هو ان مواقف حركة حماس متناقضة فكان كل من فوزى برهوم وايهاب الغصين وطاهر النونو وحسن الصيفى وهم من قيادات حماس فى غزة لا تعارض على وجودى فى غزة وابلغونى وادارة المحطة رسمياً بذلك ،وكانوا يبدون استغرابهم من التهديدات التى كانت تصلنى عن طريق ايمن طه القيادى فى حركة حماس فهو الوحيد الذى كان يطالبنى بالمغادرة من اليوم الثانى من وصولى لغزة ،وكذلك كان يطالب ادارة محطة العربية فى دبى بضرورة مغادرتى من غزة '.
ويُعتبر وائل عصام من مراسلي الحروب المعروفين في الوطن العربي، حيث غطى حرب يوليو/تموز التي شنتها إسرائيل على لبنان، وأيضاً حرب نهر البارد، والحرب التي اندلعت في الصومال، وأخيرا كانت غزة محطته الأخيرة التي عشقها وأنتج عدة تقارير إخبارية مميزة فيها لفتت أنظار الجميع.
يروي وائل وهو يرتشف الشاى فى المقابلة التى أجراها 'أمد' بالقاهرة الحادث الذي تعرض له فيقول 'كانت الساعة الرابعة عصراً عندما جاء مسلحان يرتديان زي الشرطة الرسمي إلى فندق الديرة حيث أتواجد،عرفا نفسيهما على أنهما من جهاز الأمن والحماية التابع لداخلية حكومة حماس في غزة، برفقة شخص ثالث يعمل مسؤول أمن الفنادق في غزة، وطالباني بإحضار جواز سفري وأمتعتي فورا، ومرافقتهم لمعبر رفح البري من أجل مغادرة القطاع دون إبداء أي أسباب'.
حركة الجهاد الاسلامى لها مواقف تُشكر عليه...
وتابع 'قمت بالاتصال بالقيادى فى حركة الجهاد الاسلامى خالد البطش من اجل ان يكون على اطلاع بما يدور،فأرسل مرافقيه الى الفندق الذى اقيم فيه، ويوم الحادث طالبني نفس الشخص بإحضار جواز سفري وأمتعتي على الفور، وعندما رفضت أن أغادر أخرج لي بطاقة تثبت أنه يعمل نقيبا في المباحث العامة التابعة لحكومة حماس فى غزة، فيما أخبرني المسلح الثاني المرافق له بلهجة لا أدري إن كانت ساخرة أم حقيقة.. خالد مشعل لا يريدك في غزة'.
تعليمات بالمغادرة دون الإعراب عن الأسباب...
ويقول وائل 'أيقنت أن الموضوع جدي، ويبدو أن لديهم أوامر أن أغادر وطني.. لا أعرف من أصدر تلك الأوامر، ولكن على الأقل هذا ما أخبروني به عندما وصلنا لمعبر رفح البري جنوب قطاع غزة ويرافقهم كذلك مرافقي القيادى فى حركة الجهاد خالد البطش، حيث بدا المسلحون ودودين نوعاً ما معي، وقالوا نحن لا نعرفك وليس لدينا أي شيء تجاهك، ولكن هي أوامر تلقيناها بأن عليك مغادرة القطاع'.
الزهار وابو مرزوق مواقف متناقضة...
ويتابع وائل في القاهرة ، قمت بالذهاب الى موسى ابو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى احدى الفنادق حيث ينزل ضيفاً على مصر ، لأحدثه بالذى جرى معى ولكنى اندهشت برده من لحظة ما شاهدنى فرد علىّ قائلاً:'انه كان من المفترض ان نخرجك من غزة من اول يوم دخولك الى القطاع!!' فقلت له انا فلسطينى فرد قائلاً :'اعرف انك فلسطينى وكنت بالعراق'،فقلت له:' بأننى احب المقاومة وتم سجنى بالعراق لمدة اسبوعين بتهمة مساعدتى اعلامياً للمقاومة وتم ابعادى من العراق وانا اكثر الصحفيين الداعمين للمقاومة'مضيفاً ان ابو مرزوق رد بأستهزاء' انت مؤيد للمقاومة أعوذ بالله ' وبعد ذلك طلب من مرافقيه بأن يوعزو للامن المصرى بأخراجى من الفندق الذى يقيم فيه وبالفعل تم اخراجى من الفندق .
واشار وائل بأنه تحدث كذلك الى محمود الزهار القيادى فى حركة حماس فى مكان اقامته بالقاهرة وقدم له عرضاً مفصلاً عن كل ما حدث معه فى قطاع غزة،واخبره الزهار بأنه بعد عودته الى غزة سيجري تحقيق فى الحادث وان موقف حركة حماس من العربية ومراسيلها واضح وليس لديها اى مانع لعملهم الرسمى فى غزة .
ويتابع وائل 'لا أجد كلمات أرد بها ولكن أنا مقهور جدا.. كنت قد انتهيت من عملي في غزة وكانت لدي رغبة شديدة أن أبقى عدة أيام ألتقي فيها بأصدقاء فلسطينيين وزملاء كانوا معى بالجامعة فى العراق ،لا أصدق أن ما حدث معي في العراق عندما منعت من البقاء فيه وهو وطني الثاني قد تكرر معي الآن، ولكن هذه المرة منعت من البقاء في وطني الأصلي فلسطين'،ولكن هنا اؤكد بأننى سأعود الى وطنى فلسطين وبجواز سفر فلسطينى،ولا يحق لأى حزب او تنظيم او جماعة من ان تمنع اى فلسطينى بالعودة الى وطنه.
الاوضاع الانسانية والمعاناة اليومية...
يقول وائل وفى عينيه مرارة تأثير ما تم تنفيذه بحقه :' أنه قضى الايام الاربعة الاولى من دخوله قطاع غزة فى مستشفى الشفاء ينقل عبر الهواء مباشرة المشاهد المروعة التى كانت تأتى الى المستشفى بعد تعرضها للقصف الاسرائيلى ،وكذلك من غرفة العناية المركزة والحالات الطارئة.
مضيفاً اثر فى شعورى مشهد الجثث والانقاض،وهو ما شاهدته فى العراق وحرب تموز فى لبنان ،فمشاهد الدمار والخراب والجثث الملقاة فى الشوارع بشكل مروع وفظيع تقشعر لها الابدان، وكذلك الاطفال المصابين باضرار الدماغ هؤلاء دماغهم سوف تتوقف عن النمو مايعنى انه مهما كبر حجم جسمه وعمره فإن عقله ودماغه تبقى كما هى فى سن الطفولة ،هذا شىء مؤلم ومحزن،وهذا شىء مزعج ،و كذلك يوجد اعداد كبيرة مصابة فى البتر بالاطراف والايادى.
وعن الوضع الانسانى والميدانى خلال الحرب على غزة قال وائل:'الوضع فى غزة خلال الحرب يختلف كثيراً عن المناطق التى حصل فيها الحرب فى بغداد ولبنان،الناس فى غزة كانوا يتجولون ويذهبون الى الاسواق وكان الصمود الشعبى هو الذى سجل الانتصار على الاحتلال الاسرائيلى فالشعب الفلسطينى كنت تشاهده فى كل مكان من شوارع غزة، حيث كانت المواد التمونية مخزنة فى البيوت لدى بعض العائلات والاسر الفلسطينية التى ساعدتهم على الاستمرار فى الصمود لوجود المقومات الاساسية،وأن شبكة الاتصالات الخلوية'الجوال' كانت تعمل بشكل طبيعى وعادى الا فى فترات معينة كانت تفصل بين الفينة والاخرى ولكنها تعود الى طبيعتها ،وكذلك المناطق التى كنت اتواجد فيها وما شاهدته خلال تجولى الميدانى فى شمال غزة ومدينة غزة.
فوارق انسانية ما بين العراق ولبنان وقطاع غزة...
يضيف وائل بأن الظروف الانسانية والحرب كانت اقسى واعنف فى العراق وجنوب لبنان منها فى غزة، فمثلا خلال تغطيتي لمعركة الفلوجة الاولى والثانية ما أن تبدأ الحملة العسكرية حتى تصبح المدينة كلها كأنها منطقة اشباح ، وتبقى فارغة تماماً من الاهالى، ففى الفلوجة تم قصف المستشفى المركزى وكان تحركى هناك خطير جدا،وكنت انام مع المقاتلين وبالتالى هذا هدف مشروع كل هذا من اجل نقل الاحداث الجارية بكل دقة للمشاهد العربى.
وقال وائل ان أكثر شىء لفت انتباهى هو أطفال فلسطين الشجعان المثقفين وعقولهم أكبر من سنهم بكثير وهم عنيفين وفيهم 'الشجاعة الزائدة عن اللازم' على حد وصف وائل، ويحافظون على كرامتهم وهم 'حبوبين' ،حيث كانوا يركضون خلف وائل من اجل ان يشاهدونه وهو يغطى عبر الهواء كل الاحداث فى كل من منطقة جباليا وبيت لاهيا.
تغطية إعلامية خلال الحرب البرية...
وعن وصول وائل الى منطقة شمال غزة كأول وسيلة اعلام قال وائل :' ان هذا يعود الى الزميل رائد الشلتاوى الذى له الفضل فى مساعدتى اثناء التحرك فى الاماكن داخل قطاع غزة وهو يعمل سائق ولكنه مثقف ولديه معرفة كبيرة بقطاع غزة.
مضيفاً بأن كاميرا العربية ذهبت الى جباليا وبيت لاهيا خلال المعارك االبرية وتفاجأت بأن الحياة موجودة وتحركات الناس موجودة بالشارع،وصلنا الى العطاطرة،والاهالى قدموا لنا الشكر واخذونا بالاحضان كوننا اول محطة اعلامية تصل منطقة بيت لاهيا التى تعرضت للقصف الشديد،فشعرت بمدى الاعتزاز والفخر بوطنى فلسطين .
وقال وائل :'ونحن عائدون الى مدينة غزة تم قصف منزل شقيق سعيد صيام الذى ادى الى استشهاده،وشاهدت كل التفاصيل وتم نقلها على شاشة قناة العربية مباشرا ،وتم تحديد هدف القصف بأن المستهدف هو شخص مهم والمعلومات التى تم الحصول عليها من خلال الناس،رغم اننى شاهدت جثة سعيد صيام الا اننا فى العربية لم نعلن الخبر قبل التأكيد الرسمى الذى صدر عن قناة الاقصى الفضائية التابعة لحركة حماس وبعد ذلك تم نشر الخبر عبر الهواء مباشرة.
يقول وائل 'أهم مرحلة في حياتي كانت في بغداد، حيث عملت مراسلا مع قناة ' العربية ' لتغطية الحرب الأمريكية واحتلال العراق ، وخلال عملي قامت السلطات العراقية بسجني لمدة أسبوعين ، ووجهت لى تهمة التحريض على الإرهاب وبث صور وتقارير تحرض على العنف والإرهاب'، أثناء اعدادى لفليم عن ' جمهورية الفلوجة '.
ويضيف وجهت لي تهمة رسمية وتعرضت للمحاكمة، ولكن المحاكمة جمدت فيما بعد.. المثير للضحك أنه على الرغم من أنني خرجت بريئاً من التهم التي وجهت لي، إلا أن 'صولاغ' وزير الداخلية آنذاك في ظل حكومة الجعفري أصدر قراراً رسمياً بإبعادي، بنفس الطريقة التي أبعدت فيها من وطني'.
ويستوقف وائل خلال حديثه قليلاً ليتذكر زملائه الصحفيين الذين استشهدوا اثناء الحرب على العراق كل من الشهيد الصحفى على الخطيب والشهيدة اطوار بهجت والصحافى الفلسطينى مازن الطبيزى الذين كانوا معه ويرافقهم أثناء تغطية الحرب على العراق ،وكذلك الحادث المؤلم الذى تعرض له زميلى الصحفى جواد كاظم حيث تم اطلاق النار عليه واصيب على اثرها بالشلل النصفى وهو الان مذيع فى قناة العربية.
حياة الطرد والابعاد العراق وفلسطين
ولكن الفرق -حسب وائل- أنه عندما أبعد من بغداد أمهلته السلطات العراقية 24 ساعة لمغادرتها ذاتيا ، ومن دون مسلحين، فيما خرج من قطاع غزة برفقة مسلحين اجبروه على المغادره، حيث أخذوه من الفندق الذي ينزل فيه إلى معبر رفح الحدودي مع مصر.
لم يكن يتخيل (وائل عصام) أن يكون مصيره في وطنه مشابها لذلك المصير في بغداد، وعبر عن أسفه وحرجه الشديد لكونه طرد من وطنه، مشيراً إلى أن أحد المسلحين أخبره -عند وصولهم إلى المعبر- بأن 'خالد مشعل لا يريدك في غزة'، وانتابت وائل حالة من الذهول والغضب وخيبة الأمل ، عندما أجبر يوم السبت 7-2-2009 بواسطة مسلحين قالوا إنهم ينتمون إلى المباحث العامة التابعة لوزارة داخلية 'حماس' في غزة على مغادرة القطاع فوراً دون إبداء أي أسباب واضحة لذلك، سوى أنه غير مرغوب فيه في وطنه.
مواقف حركة حماس المتناقضة بين القبول والرفض
ويضيف وائل ' الغريب فى الامر هو ان مواقف حركة حماس متناقضة فكان كل من فوزى برهوم وايهاب الغصين وطاهر النونو وحسن الصيفى وهم من قيادات حماس فى غزة لا تعارض على وجودى فى غزة وابلغونى وادارة المحطة رسمياً بذلك ،وكانوا يبدون استغرابهم من التهديدات التى كانت تصلنى عن طريق ايمن طه القيادى فى حركة حماس فهو الوحيد الذى كان يطالبنى بالمغادرة من اليوم الثانى من وصولى لغزة ،وكذلك كان يطالب ادارة محطة العربية فى دبى بضرورة مغادرتى من غزة '.
ويُعتبر وائل عصام من مراسلي الحروب المعروفين في الوطن العربي، حيث غطى حرب يوليو/تموز التي شنتها إسرائيل على لبنان، وأيضاً حرب نهر البارد، والحرب التي اندلعت في الصومال، وأخيرا كانت غزة محطته الأخيرة التي عشقها وأنتج عدة تقارير إخبارية مميزة فيها لفتت أنظار الجميع.
يروي وائل وهو يرتشف الشاى فى المقابلة التى أجراها 'أمد' بالقاهرة الحادث الذي تعرض له فيقول 'كانت الساعة الرابعة عصراً عندما جاء مسلحان يرتديان زي الشرطة الرسمي إلى فندق الديرة حيث أتواجد،عرفا نفسيهما على أنهما من جهاز الأمن والحماية التابع لداخلية حكومة حماس في غزة، برفقة شخص ثالث يعمل مسؤول أمن الفنادق في غزة، وطالباني بإحضار جواز سفري وأمتعتي فورا، ومرافقتهم لمعبر رفح البري من أجل مغادرة القطاع دون إبداء أي أسباب'.
حركة الجهاد الاسلامى لها مواقف تُشكر عليه...
وتابع 'قمت بالاتصال بالقيادى فى حركة الجهاد الاسلامى خالد البطش من اجل ان يكون على اطلاع بما يدور،فأرسل مرافقيه الى الفندق الذى اقيم فيه، ويوم الحادث طالبني نفس الشخص بإحضار جواز سفري وأمتعتي على الفور، وعندما رفضت أن أغادر أخرج لي بطاقة تثبت أنه يعمل نقيبا في المباحث العامة التابعة لحكومة حماس فى غزة، فيما أخبرني المسلح الثاني المرافق له بلهجة لا أدري إن كانت ساخرة أم حقيقة.. خالد مشعل لا يريدك في غزة'.
تعليمات بالمغادرة دون الإعراب عن الأسباب...
ويقول وائل 'أيقنت أن الموضوع جدي، ويبدو أن لديهم أوامر أن أغادر وطني.. لا أعرف من أصدر تلك الأوامر، ولكن على الأقل هذا ما أخبروني به عندما وصلنا لمعبر رفح البري جنوب قطاع غزة ويرافقهم كذلك مرافقي القيادى فى حركة الجهاد خالد البطش، حيث بدا المسلحون ودودين نوعاً ما معي، وقالوا نحن لا نعرفك وليس لدينا أي شيء تجاهك، ولكن هي أوامر تلقيناها بأن عليك مغادرة القطاع'.
الزهار وابو مرزوق مواقف متناقضة...
ويتابع وائل في القاهرة ، قمت بالذهاب الى موسى ابو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى احدى الفنادق حيث ينزل ضيفاً على مصر ، لأحدثه بالذى جرى معى ولكنى اندهشت برده من لحظة ما شاهدنى فرد علىّ قائلاً:'انه كان من المفترض ان نخرجك من غزة من اول يوم دخولك الى القطاع!!' فقلت له انا فلسطينى فرد قائلاً :'اعرف انك فلسطينى وكنت بالعراق'،فقلت له:' بأننى احب المقاومة وتم سجنى بالعراق لمدة اسبوعين بتهمة مساعدتى اعلامياً للمقاومة وتم ابعادى من العراق وانا اكثر الصحفيين الداعمين للمقاومة'مضيفاً ان ابو مرزوق رد بأستهزاء' انت مؤيد للمقاومة أعوذ بالله ' وبعد ذلك طلب من مرافقيه بأن يوعزو للامن المصرى بأخراجى من الفندق الذى يقيم فيه وبالفعل تم اخراجى من الفندق .
واشار وائل بأنه تحدث كذلك الى محمود الزهار القيادى فى حركة حماس فى مكان اقامته بالقاهرة وقدم له عرضاً مفصلاً عن كل ما حدث معه فى قطاع غزة،واخبره الزهار بأنه بعد عودته الى غزة سيجري تحقيق فى الحادث وان موقف حركة حماس من العربية ومراسيلها واضح وليس لديها اى مانع لعملهم الرسمى فى غزة .
ويتابع وائل 'لا أجد كلمات أرد بها ولكن أنا مقهور جدا.. كنت قد انتهيت من عملي في غزة وكانت لدي رغبة شديدة أن أبقى عدة أيام ألتقي فيها بأصدقاء فلسطينيين وزملاء كانوا معى بالجامعة فى العراق ،لا أصدق أن ما حدث معي في العراق عندما منعت من البقاء فيه وهو وطني الثاني قد تكرر معي الآن، ولكن هذه المرة منعت من البقاء في وطني الأصلي فلسطين'،ولكن هنا اؤكد بأننى سأعود الى وطنى فلسطين وبجواز سفر فلسطينى،ولا يحق لأى حزب او تنظيم او جماعة من ان تمنع اى فلسطينى بالعودة الى وطنه.
الاوضاع الانسانية والمعاناة اليومية...
يقول وائل وفى عينيه مرارة تأثير ما تم تنفيذه بحقه :' أنه قضى الايام الاربعة الاولى من دخوله قطاع غزة فى مستشفى الشفاء ينقل عبر الهواء مباشرة المشاهد المروعة التى كانت تأتى الى المستشفى بعد تعرضها للقصف الاسرائيلى ،وكذلك من غرفة العناية المركزة والحالات الطارئة.
مضيفاً اثر فى شعورى مشهد الجثث والانقاض،وهو ما شاهدته فى العراق وحرب تموز فى لبنان ،فمشاهد الدمار والخراب والجثث الملقاة فى الشوارع بشكل مروع وفظيع تقشعر لها الابدان، وكذلك الاطفال المصابين باضرار الدماغ هؤلاء دماغهم سوف تتوقف عن النمو مايعنى انه مهما كبر حجم جسمه وعمره فإن عقله ودماغه تبقى كما هى فى سن الطفولة ،هذا شىء مؤلم ومحزن،وهذا شىء مزعج ،و كذلك يوجد اعداد كبيرة مصابة فى البتر بالاطراف والايادى.
وعن الوضع الانسانى والميدانى خلال الحرب على غزة قال وائل:'الوضع فى غزة خلال الحرب يختلف كثيراً عن المناطق التى حصل فيها الحرب فى بغداد ولبنان،الناس فى غزة كانوا يتجولون ويذهبون الى الاسواق وكان الصمود الشعبى هو الذى سجل الانتصار على الاحتلال الاسرائيلى فالشعب الفلسطينى كنت تشاهده فى كل مكان من شوارع غزة، حيث كانت المواد التمونية مخزنة فى البيوت لدى بعض العائلات والاسر الفلسطينية التى ساعدتهم على الاستمرار فى الصمود لوجود المقومات الاساسية،وأن شبكة الاتصالات الخلوية'الجوال' كانت تعمل بشكل طبيعى وعادى الا فى فترات معينة كانت تفصل بين الفينة والاخرى ولكنها تعود الى طبيعتها ،وكذلك المناطق التى كنت اتواجد فيها وما شاهدته خلال تجولى الميدانى فى شمال غزة ومدينة غزة.
فوارق انسانية ما بين العراق ولبنان وقطاع غزة...
يضيف وائل بأن الظروف الانسانية والحرب كانت اقسى واعنف فى العراق وجنوب لبنان منها فى غزة، فمثلا خلال تغطيتي لمعركة الفلوجة الاولى والثانية ما أن تبدأ الحملة العسكرية حتى تصبح المدينة كلها كأنها منطقة اشباح ، وتبقى فارغة تماماً من الاهالى، ففى الفلوجة تم قصف المستشفى المركزى وكان تحركى هناك خطير جدا،وكنت انام مع المقاتلين وبالتالى هذا هدف مشروع كل هذا من اجل نقل الاحداث الجارية بكل دقة للمشاهد العربى.
وقال وائل ان أكثر شىء لفت انتباهى هو أطفال فلسطين الشجعان المثقفين وعقولهم أكبر من سنهم بكثير وهم عنيفين وفيهم 'الشجاعة الزائدة عن اللازم' على حد وصف وائل، ويحافظون على كرامتهم وهم 'حبوبين' ،حيث كانوا يركضون خلف وائل من اجل ان يشاهدونه وهو يغطى عبر الهواء كل الاحداث فى كل من منطقة جباليا وبيت لاهيا.
تغطية إعلامية خلال الحرب البرية...
وعن وصول وائل الى منطقة شمال غزة كأول وسيلة اعلام قال وائل :' ان هذا يعود الى الزميل رائد الشلتاوى الذى له الفضل فى مساعدتى اثناء التحرك فى الاماكن داخل قطاع غزة وهو يعمل سائق ولكنه مثقف ولديه معرفة كبيرة بقطاع غزة.
مضيفاً بأن كاميرا العربية ذهبت الى جباليا وبيت لاهيا خلال المعارك االبرية وتفاجأت بأن الحياة موجودة وتحركات الناس موجودة بالشارع،وصلنا الى العطاطرة،والاهالى قدموا لنا الشكر واخذونا بالاحضان كوننا اول محطة اعلامية تصل منطقة بيت لاهيا التى تعرضت للقصف الشديد،فشعرت بمدى الاعتزاز والفخر بوطنى فلسطين .
وقال وائل :'ونحن عائدون الى مدينة غزة تم قصف منزل شقيق سعيد صيام الذى ادى الى استشهاده،وشاهدت كل التفاصيل وتم نقلها على شاشة قناة العربية مباشرا ،وتم تحديد هدف القصف بأن المستهدف هو شخص مهم والمعلومات التى تم الحصول عليها من خلال الناس،رغم اننى شاهدت جثة سعيد صيام الا اننا فى العربية لم نعلن الخبر قبل التأكيد الرسمى الذى صدر عن قناة الاقصى الفضائية التابعة لحركة حماس وبعد ذلك تم نشر الخبر عبر الهواء مباشرة.
تعليق