البنية التحتية للصيانة - خامساً : بيئة العمل
خامسا: بيئة العمل
الاعتناء بنظافة المعدات ومكان العمل هي أحد ركائز الصيانة الإنتاجية الشاملة ولذلك فإن الاعتناء بترتيب ورشة الصيانة وأماكن التخزين ونظافتها هي جزء من أنشطة الصيانة الإنتاجية الشاملة. ولكن لماذا نهتم بهذا الأمر؟ ما المشكلة في أن تكون ورشة الصيانة غير مرتبة؟ هل هي عملية تحسين للمظهر؟
إن ورشة العمل حينما لا تكون مرتبة ونظيفة فإن هذا يؤدي لضياع الوقت للبحث عن الأدوات واحتمالية دخول أتربة للمعدات التي يتم تفكيكها مما يؤدي إلى مشاكل في المعدات بعد صيانتها. الفوضى في مكان العمل لا تُشجع العاملين على إتقان العمل والقيام بالصيانة بدقَّة فالطابع العام هو الإهمال. أما من ناحية السلامة والصحة المهنية فإنه يصعب تطبيق قواعدهما في مكان فوضوي وغير نظيف. بالإضافة لذلك فإن معدات الصيانة حين لا يتم تنظيفها فإنها تتهالك ولا تؤدي العمل بالشكل المطلوب
الوضع يختلف في أماكن العمل المرتبة والنظيفة حيث يسهل الوصول إلى أدوات الصيانة ويسهل معرفة المفقود والتالف منها. أضف إلى ذلك التأثير النفسي الإيجابي على العاملين لأنهم ينتمون إلى مكان مرتب ولائق وهو ما يوضح أيضاً أن إدارة المؤسسة تهتم بهم. من جانب آخر فإن ترتيب وتنظيف مكان العمل يساعد على تقليل الحوادث حيث أن فرص الانزلاق نتيجة وجود زيوت على الأرض تقل، وفرص الاصطدام بمعدات الصيانة أو المعدات تحت الصيانة تضعف. وكذلك فإن التهوية الجيدة والإضاءة الجيدة يساعدان على المحافظة على صحة العاملين وتقلل من إصابات العمل. ترتيب مكان العمل يمكننا من تحديد مسارات آمنة داخل الورشة وتحديد أماكن العمل المختلفة بما يحقق السلامة للعاملين والحركة المريحة أثناء العمل. في هذا الجو الصحي النظيف فإنه يمكن القيام بصيانة دقيقة ونظيفة لأن الطابع العام هو النظافة والدقة والترتيب
كما أن تنظيف المعدات يساعدنا على اكتشاف أي مشاكل مبكرا فإن تنتظيف وترتيب مكان العمل يجعلنا نتمكن من اكتشاف مشاكله ويمكننا من تحسينه وتطويره. أما حين يكون مكان العمل غير مرتب فإنه لا يمكن دراسة أي شيء لأنه لا يوجد أماكن ثابتة للأشياء ولا لمكان العمل. لذلك فإن ترتيب وتنظيف مكان العمل هو بداية لتحسينه حيث يصبح من الممكن دراسة ما إذا كان الترتيب به مشاكل تعوق الحركة أو تجعل تداول أدوات الصيانة يستهلك وقتاً طويلاً وما إذا كانت الممرات آمنة فعلاً وما إذا كان مكان العمل صحياً. وكذلك فإنه ترتيب وتنظيف مكان العمل هو خطوة أساسية لتطبيق مبادئ الهندسة الإنسانية (أو ملائمة العمل للإنسان) للوصول إلى الترتيب الأمثل. إذا كان مكان العمل فوضوي وغير نظيف فإن تحليل مشاكل المعدات بعد الصيانة تكون صعبة لأنه يوجد ألف وسبب وسبب لذلك ولا يمكننا استبعاد أيٍ منها مثل احتمالية دخول أتربة ومواد غريبة إلى المعدة أو تركيب أجزاء غير سليمة أو التجميع الخاطئ. ولكن حين يكون مكان العمل نظيفاً ومرتباً فإننا نكون على ثقة من نظافة الأجزاء والزيت والشحم ونكون متأكدين من تركيب الأجزاء الصحيحة وبالتالي تنحصر الاحتمالات في عدد قليل من الأسباب مما يجعل تحديد السبب وإزالته أمراً ممكناً
من الأمور الهامة في ورش الصيانة -كما هو الحال في أماكن العمل الأخرى- أن تكون بيئة مشجعة على التعلُّم والدراسة . هذا يتحقق بوجود بعض الوسائل البسيطة مثل سبورة ومكان للاجتماعات او منضدة للاجتماعات وأدوات مكتبية وإمكانية تصوير الرسومات والأوراق وإمكانية استخدام الحاسب وإمكانية تصوير أجزاء المعدات. ومن هذه الوسائل أيضا إمكانية الوصول إلى كتبيات ومستندات الصيانة بسرعة وذلك يستدعي وجودها بشكل مرتب ونظيف داخل ورشة الصيانة. عدم وجود هذه الوسائل يجعل عمل أنشطة المجموعات الصغيرة مستحيلاً ويجعل ثقافة تحليل المشاكل بالاعتماد على النقاش والمعلومات غير موجودة. أما في حالة توفير هذه الوسائل فإنه -مع بعض التشجيع والتدريب- يصبح عقد الاجتماعات لدراسة المشاكل أو التجهيز لعمل ما أمراً معتاداً. وبالتالي يصبح هذا المكان مشجعاً على الدراسة والتعلُّم والاعتماد على الرسومات الهندسية واستخدام كتيبات التشغيل والصيانة