إن الاطلاع على نموذج الاستبيان في البحث العلمي من الأمور ذات الأهمية الكبيرة، للباحثين العلميين وطلاب الدراسات العليا في العديد من التخصصات العلمية.
فهذه الأداة تعتبر الأهم والأكثر استخداماً بين مختلف أدوات البحث العلمي، لما تمتلكه من مواصفات عديدة، ولإمكانية استخدامها مع العديد من الموضوعات في معظم التخصصات العلمية.
مفهوم الاستبيان في البحث العلمي:
يطلق على الاستبيان كذلك اسم الاستبانة أو الاستقصاء، وهو أحد أهم أدوات البحث العلمي
التي تتكون من استمارة يقوم الباحث العلمي بإعدادها وكتابتها وتحتوي على مجموعة من الأسئلة المرتبطة بموضوع البحث.
توزع الاستمارات على أفراد عينة الدراسة، ليجيبوا عليها، ومن خلال الإجابات يتم جمع معلومات وبيانات البحث
، وتصنيفها وتنظيمها وتحليلها، وصولاً إلى الاستنتاجات المنطقية السليمة.
يمكن من خلال الاستبيان التعرف على أحوال عينة الدراسة الممثلة لمجتمع البحث، ودراسة ميول المجتمع وآرائه ورغباته التي ترتبط بموضوع محدد.
والاستبيان بغض النظر عن كيفية توزيعه أو نوعه، فهو يحتوي على عدد من الأسئلة التي تكون عامة في البداية، ثمّ يتجه الباحث إلى تخصيصها.
كيفية توزيع الاستبيان في البحث العلمي:
بعد أن يحدد الباحث العلمي نموذج الاستبيان في البحث العلمي المرتبط بدراسته يقوم بتوزيعه على أفراد عينة الدراسة
، وقد كان هذا الأمر يتم قبل التطور التكنولوجي بشكل مباشر أو بالبريد العادي، وهو ما كان يحتاج إلى وقت أطول وتكاليف أعلى.
أما في يومنا هذا ومع تطور وسائل الاتصال بشكل هائل، فإن الباحث العلمي يعتمد في معظم الأحيان، على البريد الإلكتروني لأفراد العينة الدراسية
، أو على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي.
بحيث ترسل الاستمارة عبر هذه الوسائل، ويعيدها المبحوث بعد الإجابة عليها بنفس الطريقة كذلك، وهو أمر جعل إجراء الاستبيانات أسهل بكثير
، ومما سمح للمستجيبين الإجابة على الاستبيانات بالوقت والمكان الذي يرونه مناسباً، وهو ما يعني راحة أكبر وإجابة أكثر دقة.
أنواع الاستبيان في البحث العلمي:
إن نموذج الاستبيان في البحث العلمي يكون عادةً وفق احد الأنواع التالية وهي:
- الاستبيانات المفتوحة:
وهو الاستبيان الحر الذي يضع فيه الباحث العلمي الأسئلة التي تكون الإجابة فيها مفتوحة وحرة
، فيسمح الباحث للمستجيبين أن يجيبوا بالشكل الذي يرونه مناسباً بغض النظر عن إطالتهم أو وضعهم ضمن الإجابة أمور لا يستفيد منها الباحث العلمي في دراسته.
ولطرح نموذج الاستبيان في البحث العلمي عن استبيان مفتوح قد يكون السؤال هو ما مدى قناعتك بلقاحات فيروس كورونا؟ وسؤال آخر ما هو نوع اللقاح الذي اخترته؟
وفي هذا النوع يجيب المبحوث بالشكل الذي يراه مناسباً مجيباً بالإيجاب او النفي عن السؤال الأول
، وقد يشرح سبب قراره بإسهاب سواء بتلقي اللقاح أو عدم تلقيه، كما أنه في السؤال الثاني قد يحدد أحد الأنواع ويشرح سبب اختياره وعدم اختيار غيره من الأنواع.
ولا يتجه معظم الباحثين العلميين لاستخدام هذا النوع من الاستبيان
، لأن إجاباته طويلة غالباً وتحتاج لوقت وجهد كبيرين في تنظيم الإجابات وتصنيفها، وفي تحليلها كذلك.
- الاستبيانات المقيدة (المغلقة):
وهو من أكثر أنواع الاستبيان استخداماً، ومن خلال الاستبيان المحدد أو المغلق تكون الإجابات التي يحددها الباحث إجابات مقيدة ومحددة
، بحيث يحدد لكل سؤال عدة إجابات مغلقة، ويسمح للمبحوث الإجابة من ضمن هذه الإجابات حصراً، دون أن يسمح له بتوضيح سبب إجابته.
فعلى سبيل المثال وفق نموذج الاستبيان في البحث العلمي الذي قمنا بطرحه
يكون السؤال الأول: ما هو مدى قناعتك بلقاحات فيروس كورونا؟ وقد تكون الإجابات محددة بين (مقتنع، غير مقتنع، لم أقرر بعد).
وفي السؤال الآخر يكون ما هو نوع اللقاح الذي اخترته؟ وتكون الإجابات محددة بوضع أسماء اللقاحات كأن تكون الإجابات بين (أسترازينيكا، فايزر، سبوتينك، او غيرها من اللقاحات)
وهذا النوع يستخدم على نطاق واسع، وبالخصوص مع سهولة وسرعة إجرائه وتصنيفه وتحليله، واستنتاج النتائج منه.
- الاستبيانات المتعددة (مفتوحة- مقيدة):
هناك العديد من الحالات التي يجد الباحث العلمي ضرورة استخدام كلا النوعين السابقين في استمارة الاستبيان التي يقوم بإعدادها.
فيكون هناك سؤال أو مجموعة أسئلة أجوبتها بالشكل المفتوح الحر الذي شرحناه في الاستبيان المفتوح
، وبنفس الاستمارة هناك سؤال أو مجموعة أسئلة تكون أجوبتها مقيدة بالشكل الذي شرحناه في الاستبيان المغلق المحدد.
- الاستبانة المصورة:
هناك العديد من الحالات التي يجد فيها الباحث العلمي أن أفراد العينة الدراسية لا يستطيعون القراءة والكتابة، سواء لأنهم أميين أو أطفال أو غير ذلك.
فيتم الاعتماد في استمارة الاستبيان على الأشكال والصور التي يمكن للمستجيبين فهمها، والإجابة من ضمن الصور أو الأشكال.
وإن كان هذا النوع محدود الاستخدام جداً، وبالخصوص مع التطور التكنولوجي الذي جعل إمكانية إجراء المقابلات مع مثل هؤلاء المستجيبين أمراً بسيطاً وسهلاً وقليل التكاليف.
خطوات كتابة نموذج الاستبيان في البحث العلمي:
إن كتابة نموذج الاستبيان في البحث العلمي تأتي من خلال العديد من الخطوات وأبرزها:
1.بعد اختيار مشكلة أو موضوع البحث العلمي وتحديده، يقوم الباحث العلمي بتحديد الطريقة الأنسب لجمع معلومات وبيانات البحث
، والتي قد تكون الاستبيان، فيأتي اختياره لهذه الأداة وفق أسس موضوعية دقيقة.
2.توضيح أهداف استخدام الباحث لهذه الأداة تحديداً، وما هي البيانات والمعلومات المطلوب جمعها من عينة البحث.
3.تحديد المجتمع البحثي بشكل دقيق وتوضيح خصائصه وسماته بشكل سليم.
4.تحديد حجم العينة البحثية بما يتناسب مع حجم مجتمع البحث وطبيعة المعلومات والبيانات المطلوب جمعها.
5.اختيار العينة الدراسية بشكل حيادي بعيد عن الاعتبارات الشخصية
، بحيث تكون العينة معبرة تماماً عن مجتمع البحث وتحمل جميع خصائصه وسماته.
6.تحديد نوع الاستبيان من ضمن الأنواع التي أشرنا إليها، وتحديد كيفية توزيع الاستبيان والحصول على الاستمارات بعد إجابة المستجيبين.
7.كتابة الباحث العلمي نموذج الاستبيان في البحث العلمي، بما يتناسب مع موضوع الدراسة، ووفق نوع الاستبيان
، وذلك يكون بمجموعة من الأسئلة والاستفسارات المفهومة والواضحة التي تتناسب مع إدراك عينة الدراسة.
8.تنظيم اسئلة الاستبيان وتصنيفها من العام باتجاه الخاص وبشكل يحقق أهداف الاستبيان بجمع المعلومات الدقيقة والمناسبة.
9.اختيار الاستمارة التي وضعها الباحث العلمي وتجربتها على عدد من أفراد العينة الدراسية، وذلك للتأكد من أن الاستبيان صحيح وسليم
، وبناءً على الاختبار قد يبقي الباحث الاستمارة كما هي، أو قد يضيف بعض الاسئلة أو يحذف أسئلة، وربما يعدل في أسئلة أخرى.
10.توزيع استمارات الاستبيان بالصيغة النهائية لها على كافة أفراد العينة الدراسية، والتأكد من حصول أفراد العينة عليه
، بغض النظر عن كيفية تقديم الاستبانات إلى أفراد العينة الدراسية.
11.جمع استمارات الاستبيان من أفراد العينة الدراسية، والتأكد من حصول الباحث على الاستمارات من النسبة الأكبر للمبحوثين
، وبالتالي تسمح هذه النسبة بالحصول على معلومات الكافية للوصول الى استنتاجات وحلول منطقية سليمة.
تصميم و نموذج الاستبيان في البحث العلمي:
تصميم الاستبيان في البحث العلمي:
هناك العديد من التساؤلات التي تساعد الإجابة عليها في الوصول إلى تصميم مميز لـ نموذج الاستبيان في البحث العلمي، ومنها على سبيل المثال:
اولاً: ما هي أهم الاسئلة التي يمكن أن تساعد الباحث في الوصول إلى نتائج منطقية سليمة؟
ثانياً: ما هو شكل مجتمع البحث المستهدف بالدراسة البحثية؟
ثالثاً: ما هو الأسلوب الأفضل للوصول الى عينة دراسة معبرة عن مجتمع البحث، وهل يتم اختيار العينة الطبقية، او العشوائية المنظمة أو غير ذلك؟
رابعاً: ما هي خصائص المجتمع البحث وأفراد العينة الدراسية (الدرجة العلمية، العمر، العمل أو المهنة، الجنس، وغيرها من خصائص تتناسب مع طبيعة مشكلة البحث).
خامساً: ما هو نوع الاستبيان؟ وما هو الطول المناسب للاستمارة؟ وما هو عدد الأسئلة الكافية لإجراء البحث؟
سادساً: هل الاستبانة ثابتة وصادقة؟ وهل هي سهلة الاستخدام؟
سابعاً: هل أفراد العينة الدراسية يمثلون مجتمع البحث بشكل سليم؟
ثامناً: هل اسئلة الاستبيان مصاغة بالشكل السليم؟ وهل فقراته خالية من الغموض وواضحة لأفراد عينة الدراسة؟
تاسعاً: هل اسئلة الاستبانة خالية من الكلمات العامية او المصطلحات الغير مفهومة؟ وهل أفراد العينة قادرون على فهمها بشكل جيد؟
عاشراً: ما هي أنواع المقاييس التي استخدمت؟
نموذج الاستبيان في البحث العلمي:
كمثال عن نموذج الاستبيان في البحث العلمي الذي يتناول تقييم إحدى الوظائف، يسعى الباحث العلمي من خلال أسئلته بالاستبيان
، الحصول من أفراد عينة الدراسة عن معلومات حول جودة العمل، والتوجيهات الخاصة بالإدارة والتنظيم.
وأسئلة ترتبط بالموارد البشرية، والتواصل فيما بين الموظفين والمدراء، وبين بعضهم البعض
، وكل الاسئلة التي تساعد على جودة العمل وتطويره بناء على التقييم الذي يحصلون عليه في تحليل معلومات الاستبيان.
مميزات و عيوب الاستبيان كأداة في البحث العلمي:
مميزات الاستبيان كأداة في البحث العلمي:
بعد أن اطلعنا على أهم المعلومات للاستبانة، وعلى نموذج الاستبيان في البحث العلمي يمكننا الاطلاع على أهم ميزات الاستبيان كأداة للبحث العلمي وهي:
1.إن الاستبانة تعتبر من أهم الأدوات البحثية سهولة لجهة إمكانية الوصول الى أفراد العينة الدراسية
، وبالخصوص مع الوسائل التكنولوجية الحديثة، التي سمحت بالتواصل مع أفراد العينة الدراسية بغض النظر عن توزعهم الجغرافي، ومكان سكنهم بأي منطقة في العالم.
2.تتميز الاستبانة بأنها من أقل الأدوات الدراسية تكلفة مالية، إن لم تكن الأقل فعلاً.
3.يمكن استخدام هذه الأداة في حال استهدفت الدراسة مجتمع بحثي، او كان حجم العينة الدراسية كبير جداً
، ويمكن عبر الوسائل التكنولوجية إرسال الاستمارات والحصول عليها في وقت واحد.
4.تحافظ الاستبيانات على سرية المعلومات والبيانات التي يمنحها أفراد العينة الدراسية
، وبالخصوص أنهم في معظم الدراسات يجيبون عن الاستبيان دون الإفصاح عن المعلومات الخاصة بهم أو عن شخصياتهم.
5.يمكن للمستجيبين أن يجيبوا على أسئلة الاستبانة في الوقت الذي يرونه مناسباً، وبالوضع الذي يجعلهم مرتاحين نفسياً وجسدياً، ودون تحمل أية ضغوط
عيوب الاستبيان كأداة في البحث العلمي:
1.في العديد من الاستبيانات لا يفهم فيها المستجيبين الخاضعين للدراسة سؤال او أكثر من اسئلة الاستبيان
، وهو ما يؤثر سلباً على سلامة إجاباتهم، وبالتالي التأثير على دقة النتائج المستخرجة من البحث.
2.إن الاسئلة الغير مفهومة أو الطويلة، او التي تكون صياغتها غير سليمة تشعر أفراد عينة الدراسة بالملل والتعب وعدم جدية البحث
، وهو ما يؤثر كذلك على سلامة إجاباتهم، ودقة نتائج البحث.
3.إن العديد من أفراد عينة الدراسة قد لا يقدرون أهمية البحث الذي يشاركون فيه، وهو ما يدفعهم للإجابة بشكل غير جدي وباستهتار
، وبالتالي تكون الإجابات غير دقيقة، وهو ما سينعكس على سلامة نتائج البحث العلمي.
وبذلك نكون قد تعرفنا على مفهوم الاستبيان في البحث العلمي، وكيفية توزيع استمارات الاستبيان على المستجيبين في البحث العلمي
، لنتعرف بعد ذلك على أهم أنواع الاستبيان في البحث العلمي وعلى كيفية تصميمه، وعرضنا أبرز مميزات وعيوب استخدام هذه الأداة البحثية.
وبالإضافة الى كل ذلك فقد عرضنا مثال حول نموذج الاستبيان في البحث العلمي، وكيفية إعداده وصياغته
، آملين أن نكون قد وفقنا في عرض أهم المعلومات التي تحقق الفائدة للطلاب والباحثين العلميين.