هذا الأسلوب يعني استخدام وسائل تمنع من حدوث الخطأ أو تُحذِّر من وقوعه. ومثال ذلك أن الأجزاء التي يتم تجميعها قد تصمم بحيث لا يمكن تجميعها إلا في الوضع الصحيح فقد يتم جعل فتحات المسامير للأشكال الدائرية غير متماثلة على محيط الدائرة بحيث لا يمكن التجميع سوى في وضع واحد فقط وهو الوضع الصحيح. ومن الأمثلة الشهيرة عدم السماح بغلق باب السيارة إلا بمفتاح السيارة مما يمنع من نسيان مفتاح السيارة داخلها عند مغادرتها، وكذلك التحذيرات الضوئية عند عدم غلق باب السيارة أو عدم وضع حزام القيادة. ومن الأمثلة المرتبطة بالحاسوب أن يضع الحاسوب خطا أحمرا متعرجا تحت كل كلمة يرى أن هجاءها غير صحيح، وأن يسألك قبل غلق الملف إن كنت تريد حفظ البيانات أم لا.هذه الثقافة هي ثقافة مختلفة تماما عن ثقافة اتهام العاملين بالتقصير وعدم الانتباه وثقافة إصلاح الخطأ عند وقوعه. هذه الثقافة تعترف بأن الخطأ البشري وارد الحدوث وأن خطأ المعدات وارد الحدوث ولذلك فإننا نستخدم أدوات تمنع حدوث الخطأ أو تحذر منه قبل وقوعه. فنحن لا نسعد بتكرر الخطأ وقدرتنا على مواجهته بل نسعد بمنع حدوث الخطأ أصلا. ففي نظام تويوتا فإن وقوع خطأ معناه أننا -كفريق عمل- لم نضع وسيلة للتحذير من هذا الخطأ أو منعه.
في نظام تويوتا يتم تطبيق هذه الفكرة لمنع الخطأ في أي عملية وخاصة عمليات الإنتاج. ويتم البحث عن أبسط الوسائل لتحقيق هذا الغرض وهو ما يتمشى مع سياسة التبسيط في هذا النظام.هذه الفكرة امتد تطبيقها خارج نطاق العمل إلى مجال تصميم المنتجات بحيث لا يمكن للمستخدم أن يخطئ وكذلك تم تطبيقها في مجال الخدمات لما لها من تأثير إيجابي.
ارتباط ثقافة منع الخطأ بنظام تويوتا الإنتاجي
هذا الأسلوب يتماشى مع باقي عناصر هذه الثقافة مثل حل المشاكل من جذورها Root Cause Analysis فنحن نمنع حدوث المشكلة. ثقافة منع الخطأ تلتقي مع ثقافة الموقع المرئي لأن استخدام وسائل مرئية يهدف في كثير من الأحيان لمنع الخطأ فعندما تضع شيئأ مرئيا يُظهر الخطأ أو يُحذر منه فإنك تمنع الخطأ. وكذلك فإن حلقات ضبط الجودة وثقافة العمل كفريق والمشاركة الأساسية للعاملين المتعاملين مع المعدات بشكل مباشر كلُ هذا هو المصدر الأساسي لأفكار منع الخطأ. فالأفكار لا تأتي من المدير أو المهندس بل أكثرها ينبع من العاملين على خط الإنتاج وقد يساعد المدير والمهندس في تطويرها وتنفيذها.فكما ترى فإن عناصر هذه الثقافة مترابطة بحيث أن تطبيق نظام تويوتا الإنتاجي يحتاج للتكامل في تطبيق عناصره بشكل حقيقي يتغلغل داخل فكر العاملين
.تطبيقات في موقع العمل
- استخدام قائمة فحص عند فحص المعدات. قائمة الفحص هي قائمة بها عدد من الأمور التي يتم التأكد منها ويضع الموظف علامة في مربع صغير أمام كل نقطة عند فحصها. في النهاية يمكنه التأكد من أنه لم ينسَ شيئا إذا لم يكن هناك مربع فارغ. فكرة تبدو تافهة ولكنها مؤثرة جدا ولا تقل لي أن العامل يحفظ هذه الأشياء ولن يترك شيئا. ألا تنس أنت أشياء روتينية وهامة جدا في حياتك؟ فكذلك في العمل.
- وضع غطاء فوق او حول المفاتيح الخطرة مثل مفاتيح الإيقاف الكامل لمصنع كبير. هذه المفاتيح تستخدم للإيقاف المفاجئ عند حدوث خطأ ما ولكن ربما أخطأ أحد فضغط عليها بلا سبب. هذا مشابه لغطاء مفاتيح الكهرباء والتي قد تحمي الأطفال.
- تصميم الأجزاء بحيث لا يمكن تجميعها إلا بوضع واحد وهو الوضع الصحيح
- مفاتيح الكهرباء الحدية Limit switches والتي لا تسمح للماكينة أن تعمل إذا كان الجزء غير موضوع بوضع صحيح أو التي تمنع عربة تتحرك على قضيب من تجاوز خط ما أو تلك التي توقف الماكينة إذا حدث خطأ فاصطدم جزء ما بهذا المفتاح وهكذا
- استخدام مفاتيح كهربائية تضيء مصباحا إذا وصل مستوى الماء أو السائل في خزان إلى مستو منخفض أو مستو مرتفع
- استخدام عداد إلكتروني للتأكد من أن العدد الصحيح من عمليات الثقب أو القطع قد تمت
- استخدام مواصفات العمل القياسية ووضعها في مكان العمل. هذا يمنع من نسيان خطوات أو إهمال تنفيذها
- أي مقاييس مثل مقاييس الضغط أو الحرارة أو الطول أو الوزن والتي يتم استخدامها للتنبيه لخطأ ما أو لإيقاف الماكينة إذا وصل المقياس لقيمة غير مناسبة
- وضع علامة ملونة على المسمار والصامولة عند تجميعهما لكي يستطيع العامل أن يدرك بالنظر إن كان هناك حركة نسبية بينهما أي بداية انحلال (فك) الصامولة
- وضع علامات ملونة عند فك الأجزاء الدقيقة لكي يتم تجميعها بنفس الوضع
- توضيح مدى القياس المسموح به على عدادات القياس باستخدام الألوان
- توضيح المسارات الآمنة وأماكن الخروج Exit في مكان العمل بشكل واضح
- استخدام أدوات الوقاية والأمن الصناعي مثل الخوذة وحذاء الأمان وأحزمة الأمان حسب طبيعة العمل
- وضع العدد المطلوب -فقط- من المسامير لتجميع كل جزء بجوار العامل في وعاء صغير بحيث إذا تبقى أي مسمار بعد التجميع فإن هذا يعني أن مسمارا لم يتم تركيبه. وهكذا في أي أجزاء صغيرة يمكن نسيان تركيبها
- عملية التأكد Validation التي تتم في أنظمة المعلومات بمعنى أن يعطي النظام إنذارا عند إدخال رقم يبدو أنه غير صحيح أو ألا يقبل إدخال أرقام من المؤكد أنها غير صحيحة.
- تخزين المنتجات نصف المصنعة في خزانات أو مساحات لا تسع سوى عدد محدد من المنتج
- وضع علامة ملونة أو مقروءة على خزان أو صندوق التخزين بحيث إذا وصل المخزون لهذه العلامة يعرف العامل أن عليه إعادة طلب هذه المادة أو الأدوات
تطبيقات في مجالات أخرى
- حكى لي زميلي عن قطار ركبه في اليابان منذ سنوات وكان القطار يسافر 900 كيلومتر ويمكن للراكب شحن سيارته معه في القطار. ويقوم الراكب بقطع تذكرة لشحن السيارة ثم يذهب لمكان شحن السيارة فيتم رفع سيارته عل رف له تفس لون التذكرة. عندما يصل القطار لأي محطة لا يمكن أن يحدث خطأ لأن ألوان الرفوف هي علامة على محطة وصول السيارة فيقوم سائق وسيلة تنزيل القطار بتنزيل جميع السيارات على الرفوف التي لها لون تلك المحطة. هذا تطبيق مباشر على الوسائل المرئية لمنع الخطأ وهذا هو روح هذا الفكر الذي يستخدم وسائل بسيطة وغير مكلفة وهي في نفس الوقت ناجحة ودقيقة
- ماكينات الصرف الآلي والتي تصدر صوتا تحذيريا إذا نسيت بطاقتك أو نقودك في الماكينة
- رسم خطوات متتابعة على أرضيات المتاحف أو أماكن الخدمات لتحديد المسار المناسب للعميل أو الزائر
- استخدامات الخلايا الضوئية في المصاعد لمنع تحرك المصعد إذا كان هناك أحد قريب من الحائط أو الباب
كيف نطبق ذلك؟
هل سنقوم بنقل هذه الأمثلة وتطبيقها؟ هل سنضع الكثير من اللوحات في المصنع ونستخدم الكثير من الألوان؟ثقافة منع الخطأ والموقع المرئي تبدأ بقناعة المدير بذلك وإقناعه للعاملين والمشرفين. وبعد ذلك يبدأ الجميع في البحث عن الأخطاء ووضع إجراءات لمنع حدوثها. هذه الإجراءات لابد أن تتسم بالبساطة ما أمكن وأن تنبع أساسا من العاملين. فتطبيق هذا الأمر بشكل صوري خالي من الصدق لن يؤتي ثماره. هذا أمر لن تطبقه اليوم وغدا وتنساه بعد غد بل هذه ثقافة تتبعها مدى الحياة فالتطوير لا ينتهي.عندما ترى مشكلة في العمل فابحث عن الإجراء الوقائي ولا تفرح بمجرد إصلاح العطل. اذهب إلى موقع العمل وقف هناك نصف ساعة وتأمل الأخطاء التي تحدث أو التي يمكن أن تحدث. ناقش العاملين واطلب منهم اقتراح وسائل لمنع هذه الأخطاء. جرب هذا الأسلوب فقد تجد تطبيقه ممتعا.