المخزون Inventory or Stock هو من الأشياء التي لا يمكن الاستغناء عنها في معظم المؤسسات فالشركات الصناعية تحتفظ بمخزون للمواد الخام ومستلزمات الإنتاج والمؤسسات الخدمية تحتاج لبعض المواد المستخدمة في هذه الخدمات مثل الأطعمة للمطاعم والملابس لمحلات الملابس وهكذا. ولكن التحكم في المخزون قد لا يلقى الاهتمام المناسب على الرغم من تأثير ذلك على أداء المؤسسة. فزيادة المخزون تُشكل مشكلة ونُقصان المخزون يشكل مشكلة أخرى. فنقصان المخزون يؤدي إلى تعطل الإنتاج بينما زيادة المخزون تعني عدم استثمار قيمة المخزون الزائد واستغلال مساحة تخزينية بدون فائدة. لذلك فإننا نواجه دائما مشكلة تحديد قيمة المخزون المثلى والوقت المناسب لإصدار أمر لتوريد للموردين والكمية المثلى لكل أمر توريد
لماذا نحتفظ بالمخزون
- لمواجهة الطلب المحتمل على منتجاتنا: معظم المؤسسات تحتفظ بكمية من المنتجات النهائية لمواجهة طلبات العملاء. كذلك فإن بائعي الجملة والتجزئة يحتفظون بمخزون لمواجهة الطلبات المتوقعة من العملاء
- لمواجهة الطلبات الفجائية أو الموسمية: قد يكون من الصعب أن تقوم المؤسسة التي تنتج منتجات مرتبطة بموسم الصيف -مثلا- أن تقوم بتصنيعها في الصيف فقط. لذلك تلجأ هذه المنتجات إلى التصنيع طوال العام وبالتالي يكون هناك مخزونا من المنتج في فصل الشتاء.
- لكي لا تتأثر المراحل الإنتاجية ببعضها: عندما يكون لدينا مخزونا كبيرا من المنتجات النصف مصنعة فإن أي مشكلة في المرحلة الإنتاجية السابقة لن تؤثر على المرحلة التالية لأن هناك مخزونا يكفي لتشغيل المرحلة التالية لفترة طويلة. لاحظ أن سياسة تقليل الفاقد Just In Time تهتم جدا بتقليل هذا المخزون لزيادة اعتماد المراحل الإنتاجية على بعضها مما يُحفز العاملين على حل مشاكل الإنتاج
- للاستفادة من وفورات الحجم: عندما نشتري كمية كبيرة من المواد الخام فقد نتمكن من الحصول على تخفيض في السعر. كذلك الحال عندما ننتج كمية كبيرة من نفس المنتج فإننا نتمتع بوفورات الحجم. لذلك فإن المؤسسات تلجأ لشراء كمية كبيرة من المواد الخام وتصنيع كميات كبيرة من نفس المنتج. لاحظ أن سياسة تقليل الفاقد تعتبر هذا تصرفا غير مفيد لأنه يؤدي لزيادة المخزون التي تؤدي لإهمال المشاكل الإنتاجية.
- لمواجهة أمورا متوقعة: عندما تتوقع المؤسسات احتمالية زيادة أسعار المواد الخام فإنها تفضل زيادة مخزونها من هذه المواد. كذلك عندما تكون هناك احتمالية لتوقف إمداد المواد الخام فإن المؤسسات تحاول تخزين قدر ما من المواد الخام.
- لطبيعة العملية الإنتاجية: العمليات الإنتاجية تستغرق وقتا وبالتالي فإنه في جميع الأحوال ستكون لدينا مواد تحت التصنيع في المراحل الإنتاجية
- لطبيعة عمليات النقل: نظرا لان نقل المنتج النهائي من المورد إلى العميل يستغرق وقتا فإنه في هذا الوقت يكون من ضمن مخزون العميل أو المورد حسب اتفاقيات تسليم المنتج.
- لأن عملية الشراء تستغرق وقتا: لكي نتمكن من شراء مواد خام فإننا ننتظر بعض الوقت حتى يتم التوريد. لذلك فإننا نحتفظ بمخزون يكفينا حتى تصلنا كمية أخرى من المواد
أنواع المخزون
- مواد خام ومستلزمات إنتاج Raw Material
- مواد نصف مصنعة أو مواد تحت التشغيل Work in Process
- منتجات مصنعة أي المنتجات النهائية Finished Goods
- قطع غيار لعمليات الصيانة والإصلاح للمعدات Spare Parts
تكاليف مرتبطة بالمخزون
قد يتصور البعض أن المخزون هو وسيلة مساعدة للإنتاج ولذلك فينبغي توفير أكبر قدر من المخزون. هذا التفكير لا يلمس الحقيقة فهناك تكاليف كثيرة مرتبطة بالمخزون. هذه التكاليف تشمل تكلفة حفظ المخزون وتكلفة أوامر التوريد وتكلفة عدم استثمار رأس المال وتكلفة نقصان المخزون وغيرها. لابد من دراسة هذه التكاليف بعناية لمعرفة كيفية التعامل مع المخزون من حيث الكمية ووقت التوريد
أولا تكلفة التوريد:
- تكلفة إصدار أمر توريد Orderign Cost: عند إصدار أمر توريد فإننا نتحمل بعض التكاليف الخاصة بأمر التوريد خلاف ثمن البضاعة التي نشتريها. هذه التكاليف تشمل تكاليف العمالة التي تعمل لعدة ساعات أو أيام لتحديد المواصفات وطرح مناقصة ودراستها ومراسلة الموردين وما إلى ذلك. كذلك قد نتحمل تكاليف النقل وتكاليف التأمين وتكاليف الفحص
- تكلفة تجميد رأس المال Capital Cost: الأموال التي نشتري بها المخزون هي أموال متجمدة أي غير مستثمرة فعندما يكون لدينا مخزون قيمته حوالي عشرة آلاف درهم فإن هذا يعني أن لدينا عشرة آلاف درهم غير مستثمرة أي لا تدر ربحاً. أضف إلى ذلك أن هذا المخزون هو السبب في تقليل النقد المتاح بما يساوي قيمة المخزون. هذه التكلفة تزيد مع زيادة قيمة المخزون
- تكلفة التخزين Storage Cost: لكي نقوم بتخزين قطع الغيار أو المواد الخام أو المنتجات النهائية فإننا نتكبد تكلفة التخزين. هذه التكلفة تشمل إيجار المخازن وتكلفة العمالة المشرفة على التخزين وتكلفة الإضاءة ووسائل النقل داخل المخازن ومصاريف الحفاظ على المخزون في حالة جيدة من تدفئة أو تبريد أو ما شابه. هذه التكلفة تزيد مع زيادة المخزون
- تكلفة هلاك المخزون أو تقادمه Obselence and Deterioration Cost: المخزون قد يُعاني التلف من طول التخزين أو سوء التخزين وقد يصبح المخزون قديما بما يجعله عديم القيمة. هذه التكلفة تسمى أحيانا تكلفة المخاطرة Risk Cost. هذه التكلفة تكون عالية في بعض أنواع المخزون مثل المواد الغذائية والمنتجات المرتبطة بتطور تكنولوجي سريع والمنتجات المرتبطة بتغير سريع في الأذواق
- عندما يطلب العميل منتج ما ولا نستطيع تلبية طلبه بسبب نفاد مخزون المنتج النهائي أو مخزون بعض المواد الخام فإننا في الحقيقة نخسر الأرباح التي كان يمكننا تحقيقها. بالإضافة إلى ذلك فإن عدم توفر المنتج قد يجعل العميل يتجه لغيرنا من المنافسين ولا يُعاود التعامل معنا. في بعض الحالات قد نتمكن من تلبية طلب العميل ولكن العميل يضطر للانتظار ريثما يتم توفير طلبه وهذا يتسبب في عدم رضاء العميل عن خدماتنا وهو ما يؤثر على سمعتنا وعلى المبيعات المستقبلية. في بعض الحالات قد نضطر لدفع غرامة تأخير للعميل وقد نلجأ لتوريد بعض المواد الخام بشكل عاجل مما يتسبب في تحملنا لتكلفة أعلى. هذه التكاليف تزداد كلما زاد عدد العملاء الذين لا نستطيع تلبية طلباتهم أو الذين نتأخر في تلبية طلباتهم
- توفر المخزون يتسبب في التغاضي عن الأخطاء في العملية الإنتاجية وعدم تحليل المشاكل بجدية للقضاء على جذورها. فعندما تتسبب الأخطاء في تأخير تلبية طلبات العميل فإن هذه الأخطاء يتم الاهتمام بها ومحاولة القضاء عليها. أما عندما يكون لدينا الكثير من مخزون المواد الخام والمنتجات نصف المصنعة والمنتجات النهائية فإن مشكلات الإنتاج لا تظهر على السطح لأنها تكون مجرد فواقد ولكنها لا تتسبب في تأخير تلبية طلبات العميل. هذا الأمر يحدث كذلك في مشكلات الصيانة فعندما تحدث مشكلة وتتكرر ويكون لدينا مخزون كبير من قطع الغيار لمواجهة هذه المشكلة المتكررة فإن المشكلة لا تلقى الاهتمام الكافي لأن العملية الإنتاجية لم تتوقف. أما عندما يكون المخزون قليلا فإن أي مشكلة تلقى اهتماما كبيرا لأن أي مشكلة ستسبب في توقف الإنتاج. كذلك فإن العاملين يكون لديهم حرص أكبر عندما يعلمون أن المخزون الذي لديهم محدودا. هذا الأمر هو أحد أركان سياسة تقليل الفاقد Just In Time والتي سوف أناقشها في مقالات منفصلة إن شاء الله. هذه التكلفة تزداد كلما زاد حجم المخزون عن الحجم الضروري
التحكم في المخزون كميزة تنافسية
لقد بلغ من أهمية التحكم في المخزون أن بعض المؤسسات استخدمت ذلك كميزة تنافسية. فشركة تويوتا اليابانية TOYOTA والتي اخترعت سياسة تقليل الفواقد JIT استهدفت تقليل المخزون بكافة أنواعه والذي أدى إلى تحسين العملية الإنتاجية وقلل من تكلفة المخزون وأصبحت تويوتا مثلا تحاول الشركات الأمريكية والأوروبية الاقتداء به. كذلك فإن شركة ديل للكومبيوتر DELL استخدمت التحكم في المخزون كميزة تنافسية وذلك بأنها انتهجت سياسية تفصيل الحاسوب على حسب رغبات العميل وعدم تصنيع حواسيب وتخزينها وإنما تقوم بتجميع الحاسوب عندما يقوم العميل بالتعاقد. هذا الأمر أدى إلى انخفاض تكلفة الحاسوب عن الشركات الأخرى التي تقوم بتخزين كمية كبيرة من الحواسيب التي تنتجها. كذلك فإن بعض المطاعم قد تلجأ لتقليل عدد الأصناف التي تقدمها لأن هذا يقلل من حجم المخزون الذي يتعرض للتلف. وعلى الجانب الآخر تلجأ مطاعم أخرى لتوفير أنواع كثيرة من الأطعمة والتضحية بالفاقد في المخزون في مقابل الحصول على مقابل أعلى من العملاء. هذه الأمثلة توضح لك أهمية التحكم في المخزون وأن الأمر ليس هامشيا بل هو أمر يؤثر بشكل واضح في أداء المؤسسة وله علاقة مباشرة بخلق ميزات تنافسية.التحكم في المخزون بشكل جيد يتطلب تجميع بيانات وتحليلها وإجراء بعض العمليات الحسابية وبناء علاقات متميزة مع الموردين واستخدام تكنولوجيا المعلومات.فللتحكم في المخزون لابد من وجود توفع جيد لاحتياجات السوق في الفترة المقبلة ولابد من استخدام نماذج رياضية مناسبة لتحديد كمية التوريد ووقت التوريد. كذلك يستلزم الأمر وجود نظام للمعلومات لمتابعة حركة المخزون وتحديد الاحتياجات. ومن الأمور المرتبطة ارتباطا شديدا بالتحكم في المخزون العلاقة مع الموردين واختيارهم وتقييمهم. هذه الأمور سوف نناقشها إن شاء الله في مقالات قادمة.