نسمع كثيراً عن الجمال الروحي وأهمية الجمال الداخلي وانه اكثر اهمية من الجمال الخارجي ومقاييسه، فلا يتوقف الجمال على معايير معينة فالإنسان الجميل في العادة يكون لديه مواصفات نسبية جميل كصورة وهذا الامر يؤثر على الناظرين فقط. لكن هناك جمال يؤثر ويلمس الروح ويكون اثره اكبر بكثير من الجمال الخارجي وتأثيره على الناظرين، حتى انه تناولته كثيراً الأعمال الأدبية والفنية، وقد يكون عنصراً فاعلاً وبارزاً في نجاح هذه الأعمال. اذاً ما هو الجمال الروحي ؟ هو الجمال الحقيقي وجمال الضمير الحي اليقظ، والنفس السليمة التي تحب الخير للجميع، وتعمل من أجل الجميع، هو في جمال النفس الصافية التي تشعر مع الفقراء، وتقف إلى جانب المظلومين والتعساء، فتهب لمساعدتهم بكل حب وتفاني وإخلاص. هو في جمال العمل المخلص والتفاني في خدمة الغير. يتفوق جمال الروح على جمال الشكل الخارجي لأنه جمالٌ ظاهرٌ للجميع حتى للأعمى، فهو جمالٌ شاملٌ لحواس الجسم جميعها ويستطيع أن يتملكها دون أن أي حاجة لرتوش وتجميل، فجمال الروح يخترق السمع والقلب ويصل إلى الأعماق، أما جمال الشكل يجذب العينين بشكلٍ خاص وقد لا يصل إلى القلب، فتعابير الوجه ستذبل في يومٍ ما، أما جمال الروح يبقى مشرقًا ومتوهجًا وساطعًا إلى الأبد، كما أنَّ جمال الروح ينثر الفرح والتفاؤل والطاقة الإيجابية لتصل إلى الآخرين، فالإنسان الذي يتحلى بالروح الجميلة يُحبه الجميع رغمًا عنهم، ويحرصون على الاقتراب منه كي يستمتعوا بوجود روحه الجميلة. عندما نولد، نرتبط غريزياً وعاطفياً بملامح أمّنا وأبينا، وغالباً وطوال أيام عمرنا تظل ملامح أمنا أجمل وأبهى الملامح، فالأم جميلة بروحها، عطائها، حبها، اهتمامها، رعايتها، وجودها الدائم بجانبنا كسند، كل ذلك جمالٌ تنفرد بها أمنا ممّا يجعلها جميلة جمالاً خاصاً في أعيننا، عندما ترى الأم ترى روحها، وجمال روحها هو جمال وجهها، ولا يمكن أن تفصل الرؤية عن المشاعر. قبل أن يحرص الشخص على أن يُجمّل شكله الخارجي، عليه أن يحرص على تجميل روحه، وأن يتعلم كيف يُدهش الآخرين بصفاته الجميلة، فالناس يومًا عن يوم يزدادون وعيًا، ويُصبح لديهم يقين أكبر بأن الجمال الخارجي لا يكفي كي يكون الإنسان جميلًا، ولا بدّ من الاتصاف بالروح الفاضلة والجميلة والمنطلقة على الحياة، لأن جمال الشكل دون روحٍ جميلة يُشبه زهرة بلا عطر، وشجرة بلا ثمر، ولا عجب أن الفلاسفة والأدباء امتدحوا جمال الشكل وأعلنوا شأنه واعتبروه أرفع مكانةً من جمال الشكل فقط، فجمال الشكل قد يفتقر إلى المقومات
التي تجعله أجمل، لكن جمال الروح لا يفتقر لأي مقومات.