يروي ميتشالكو في كتابه Creative Thinkering فيقول أنه استمتع في وقته كثيراً في أحد الفنادق أكثر من أي مكان آخر ، فأخبره مديره حينها عن سر نجاح هذا الفندق في تدريبه موظفيه على التحدث دائماً بطريقة إيجابية ، فعندما تشكر أحدهم على خدمة يقول "بكل سرور" بدلاً من "ما في مشكلة" أو "سنكون سعداء لرؤيتك هذا العشاء في مطعمنا" بدلاً من "لماذا لا تزور مطعمنا عالعشاء" .
نشر الإيجابية في المحيط من شأنه أن يدر فوائد كثيرة ليس على المؤسسات فقط كما في المثال ، بل على الأسر والأفراد. فما بالنا نتأخر إنسانياً في أمور عديدة ونحن نكبر (إلا ما ندر ) وهذا مثال واحد فقط ، فيكفي أن تنظر وتتأمل في الأطفال وتصرفاتهم وتعاملهم وتفائلهم واندفاعهم الإيجابي نحو الحياة بسرور وفضول ، وبذلك تقيس مدى تقهقرك. فمثلاً الطفل يكره قول "لا" ، ولا يحب أن يسمعها (رغم اصرارنا) ، ثم يكبر جسمه ويضمر فضوله ، ويضعف انشراح قلبه وتذوب روحه الإيجابية تدريجياً ويقل إبداعه ، وكما يقول جورج لاند في دراسته المشهورة أن نسبة الأطفال المبدعين في عمر ٥ سنين هي ٩٨% ، وتنخفض تدريجياً في عمر ١٥ الى ١٢% وعندما يكبر تنعكس الصورة فيصبح ٢% فقط).
سألت أحد الأصدقاء القدامى وأنا أستذكر ضحكاته وانشراحه وإقدامه في الماضي ، ما بالك همدت وخفت بريق ابتساماتك ؟ وكأني حينها كنت أسأل نفسي ! … صمتَ مثلي ! ثم قال: كثرت المسؤوليات والالتزامات ! لم يبدو مقتنعاً ولا مقنعاً (مثلي !).
قد يكون من الصعب العودة إلى إيجابية وإبداع الأطفال ، لكن بالتأكيد لن نرضى بالانحدار ! فهذا لا ترقى بما اكتسبنا وتعلمنا من مهارارت تقنية وحياتية وإنسانية، فلندرب أنفسنا كما تدرب الموظفين في الفندق المذكور ، ولنفتش عن براءة طفولتنا ولنبث الحياة في المثلث العجيب ، فتتناغم ١- مشاعرنا و٢- تفكيرنا و٣- أقوالنا ، فنُسعد من حولنا ونتجنب أخطاءنا ونساعد أطفالنا حولنا أن يتشبثوا بالحب والإيجابية والأخلاق الإنسانية ونحصنهم من تلوث السموم التي تحوم بانتظار اختبارهم بين حين وحين خلال رحلة الحياة.