يمكننا وضع صورة للحكومة الالكترونية هي ذلك النظام الافتراضي المعلوماتي الذي يمكن الأجهزة الحكومية المختلفة من تقديم خدماتها في إطار تكاملي، لجميع فئات المستفيدين، باستخدام التقنية الالكترونية المتطورة، متجاوزة عامل التواصل المكاني أو الزماني، مع استهداف تحقيق الجودة والتميز وضمان السرية والأمن المعلوماتي، والاستفادة من معطيات التأثير المتبادل.
في كثير من الأحيان ينحصر مفهوم الحكومة الإلكترونية في نطاق ضيق جداً مثل خدمة التوصيل الإلكتروني وموضوعات كالأمن، والموثوقية، وحماية البيانات أو الوصول إلى المعلومات التي تخص البنية التحتية لمجتمع المعلومات، ومثل هذه الموضوعات تعتبر سهلة الفهم بالنسبة لقطاع عريض من الجمهور، خلافاً لمفاهيم الحكومة الإلكترونية التي تتطلب استخدام تقنية المعلومات لمساندة أنشطة الإدارة العامة، والحكومة الالكترونية أيضا فكر وفلسفة وتطور مستمر يجب ألا يتوقف ابدآ ، وتعتبر الحكومة الالكترونية في الوقت الحاضر وفي المستقبل القريب من أهم وظائف الإدارة العامة أو ما تسمى بالإدارة الحكومية.
وبذلك فإن الحكومة الالكترونية هي تقديم وإنتاج وتفعيل الخدمات العامة التي تقدم للمواطنين باستخدام وسائل الكترونية وتكون أنشطتها في ثلاثة مجالات وهي:
1. علاقة الحكومة بالمواطنين .
2. علاقة الحكومة بنفسها .
3. علاقة الحكومة بالأعمال.
وهذا المفهوم يعتبر من ضمن أبعاد الإدارة الالكترونية، حيث أن الإجراءات والمستندات والوثائق الخاصة بإنجاز معاملة حكومية سيمكن تحويلها إلى "صورة الكترونية" بعد تشفيرها سواء كان التعامل مع المواطنين، أو مرتبط بمنظمات الأعمال المختلفة أو الإدارات الحكومية. ويتطلب إنجاز هذه المعاملات إطار من الشفافية، والشفافية تتضمن علانية القرار، وعدم حجب المعلومات عن المهتمين بها أو ذوي العلاقة بها.. أي أن الشفافية هي تأكيد على مصداقية منظمة ما أمام الرأي العام والحكومة والقطاع الخاص، والمنظمات الدولية، أي مدى حرية المواطن في الوصول إلى مصادر المعلومات والإطلاع عليها
المفهوم الشائع عن الحكومة الإلكترونية يقوم أساساً على أنها شبكة متطورة من النظم الكمبيوترية التي تمكّن الجمهور من الوصول إلى عدد كبير من الخدمات والمعاملات الحكومية المؤتمتة، عبر الإنترنت أو عبر وسائل إلكترونية أخرى. هذا المفهوم التكنوقراطي يغفل المحتوى الفكري والسياسي للحكومة الإلكترونية، والسياق التاريخي والثقافي الذي أفضى إليها .
وتعرف الحكومة الإلكترونية بالاستخدام التكاملي الفعال لجميع تقنيات المعلومات والاتصالات بهدف تسهيل العمليات الإدارية اليومية للقطاعات الحكومية، وتلك التي تتم فيما بينها (حكومية ـ حكومية)( (g2g وتلك التي تربطها بالمواطنين (حكومية ـ مواطن) (G2C) أو قطاعات الأعمال (حكومية ـ أعمال)(G2B) أو الموظفين (g2e) .
يمكننا القول في ضوء ما تقدم إن الحكومة الالكترونية من حيث مفهومها، هي: البيئة التي تتحقق فيها خدمات المواطنين واستعلاماتهم وتتحقق فيها الأنشطة الحكومية للدائرة المعنية من دوائر الحكومة بذاتها أو فيما بين الدوائر المختلفة باستخدام شبكات المعلومات والاتصال عن بعد)العواملة ,2002 م ,150) .
ـ أهداف الحكومة الإلكترونية :
- مواكبة التطور التقني بما يحقق التكاملية مع التقنيات المتقدمة في هذا المجال وبما يخدم مصلحة المواطن ويسهل الإجراءات المتبعة في الجهات الحكومية وغير الحكومية.
- تحقيق قدر أكبر من الضبط الإداري والأمني بما يضمن سرعة وسرية ونظامية الإجراءات والمعلومات .
- دعم النمو الاقتصادي بتوفير البيئة المناسبة من خلال تطبيقات الحكومة الإلكترونية .
ـ عناصر الحكومة الإلكترونية :
تقوم فكرة الحكومة الالكترونية على ركائز أربعة :
- تجميع كافة الأنشطة والخدمات المعلوماتية والتفاعلية والتبادلية في موضع واحد هو موقع الحكومة الرسمي على شبكة الانترنت، في نشاط أشبه ما يكون بفكرة مجمعات الدوائر الحكومية .
- تحقيق حالة اتصال دائم بالجمهور (24 ساعة في اليوم 7 أيام في الأسبوع 365 يوم في السنة)، مع القدرة على تامين كافة الاحتياجات الاستعلامية والخدمية للمواطن .
- تحقيق سرعة وفعالية الربط والتنسيق والأداء والإنجاز بين دوائر الحكومة ذاتها ولكل منها على حده .
- تحقيق وفرة في الإنفاق لكافة العناصر بما فيها تحقيق عوائد أفضل من الأنشطة الحكومية ذات المحتوى التجاري .
ـ دور ومزايا الحكومة الالكترونية :
يُناط بالحكومة الالكترونية أن تحقق الأغراض التالية :
- تقديم موضع واحد للمعلومات الحكومية providing one-stop government information
- نقل التدابير الحكومية على الخط المباشر Moving Government Procurements Online
- تطبيق النماذج الرقمية وإتاحة تعبئتها على الخط المباشرIMPLEMENTING ELECTRONIC FILING .
- تطوير بنى تحتية عامة في حقل التقنية والتشفير وبقية الاحتياجات التقنية في بيئتي الاتصال والحوسبة Developing a Public Key Infrastructure
- تقديم الخدمة الحكومية على الخط المباشر PUTTING GOVERNMENT SERVICES ONLINE
- تسهيل نظام الدفع الالكتروني facilitating electronic payments
- تحقيق فعالية الأداء الحكومي Improving Government ACCOUNTABILITY AND EFFICIENCY
ـ محتوى ونطاق الحكومة الالكترونية :
إن بناء الحكومة الالكترونية يعني الأخذ بالحسبان كل ما تمارسه الحكومة في العالم الحقيقي، سواء في علاقتها بالجمهور أو علاقة مؤسساتها بعضها ببعض أو علاقتها بجهات الأعمال الداخلية والخارجية، إنها بحق إعادة هندسة أو إعادة اختراع للقائم ووضعه في نطاق البيئة الرقمية التفاعلية .
لذا فان محتوى الحكومة الالكترونية يتضمن :
محتوى معلوماتي يغطي كافة الاستعلامات تجاه الجمهور أو فيما بين مؤسسات الدولة أو فيما بينها وبين مؤسسات الأعمال .
محتوى خدمي يتيح تقديم كافة الخدمات الحياتية وخدمات الأعمال على الخط .
محتوى اتصالي (وهو ما يسمى خلق المجتمعات) يتيح ربط المواطن وأجهزة الدولة معا في كل وقت وبوسيلة تفاعل يسيرة)رزوقي , 2001 م) .
ـ وأياً كان الانجاز ومستوياته في بناء الحكومة الإلكترونية فان ثمة أولوية للقطاعات التالية :
- البيانات والوثائق- تعريف الشخصية، سجلات الأحوال.
- التعليم - لخدمات الأكاديمية والتعليم على الخط.
- خدمات الأعمال.
- الخدمات الاجتماعية.
- السلامة العامة والأمن.
- الضرائب.
- الرعاية الصحية.
- شؤون النقل.
- الديمقراطية والمشاركة.
- الخدمات المالية ووسائل الدفع.(الشريف ,1423 هـ ,44-45) .
ـ متطلبات بناء الحكومة الالكترونية :
نركز هنا على أهم ثلاث متطلبات أشار إليها الكثير من الخبراء في هذا الحقل :
- حل المشكلات القائمة في الواقع الحقيقي قبل الانتقال إلى البيئة الإلكترونية، وللتمثيل على أهمية هذا المتطلب، فإنه يجب على الحكومات أن تقوم بتوفير المعلومات اللازمة بمواطنيها عبر الانترنت، وأن توضع سياسة يتم بموجبها تحديد جميع الوثائق والمعلومات والنماذج الحكومية مباشرة عبر الانترنت، و كلما ظهرت وثيقة حكومية جديدة أو معلومات جديدة يجب وضعها مباشرة على الانترنت، وفي هذا الإطار فإن أكبر مشكلة تواجهنا هي مشاكل التوثيق القائمة في الحياة الواقعية، إذ ليس ثمة نظام توثيق فاعل يضع كافة وثائق العمل الحكومي في موضعها الصحيح بالوقت المطلوب، فإذا ما كان هذا واقع العمل الحقيقي فإن من الخطورة الاتجاه لبناء الحكومة الالكترونية قبل إنهاء المشكلة القائمة في الواقع غير الالكتروني (العزام,2001 م ,27-40) .
- حل مشكلات قانونية التبادلات التجارية، وتوفير وسائلها التقنية والتنظيمية، ذلك إن جميع المبادلات التي تتعامل بالنقود يجب وضعها على الانترنت مثل إمكانية دفع الفواتير والرسوم الحكومية المختلفة مباشرة عبر الانترنت، وجعل هذه العملية بينية بمعنى أنها تردد لتشمل كل من يقوم لأداء التعاملات التجارية مع المؤسسات الحكومية.
- توفير البنى والاستراتيجيات المناسبة الكفيلة ببناء المجتمعات، فبناء المجتمعات يتطلب إنشاء وسيط تفاعلي على الانترنت يقوم بتفعيل التواصل بين المؤسسات الحكومية وبينها وبين المواطنين وبينها وبين مزوديها، بحيث يتم توفير المعلومات بشكل مباشر عن حالة أية عملية تجارية تم تأديتها في وقت سابق، إضافة إلى استخدام مؤتمرات الفيديو لتسهيل الاتصال بين المواطن والموظف الحكومي ( السالمي والدباغ , 2000 م , 35 ) .
ـ الواقع العربي :
إذا ما أردنا الوقوف على الواقع العربي في ميدان بناء الحكومات الإلكترونية، فإننا نشير إلى أن الجهد الأميز تمثل بتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ بالرغم من عدم اكتمال عقد الحكومة الإلكترونية إلا أن تهيئة الواقع التقني والمهاري لمؤسسات الدولة تحقق على نحو كبير بحيث يبدو أن التجربة برمتها تتحرك ضمن رؤية إستراتيجية واضحة، ويمكن الاطلاع على أحدث المعالجات لما أنجز من نشاطات في ميدان بناء الحكومة الالكترونية في الإمارات في العديد من مواقع الانترنت الخاصة بالمؤسسات الحكومية الإماراتية .
ـ التحديات القانونية في بيئة الأعمال الإلكترونية :
العلاقات فيما بين الجهات الحكومية والأفراد في شتى الميادين ومختلف القطاعات تأسست على تعبئة الطلبات والاستدعاءات الخطية والمكتوبة، وتسليم الأصول والحصول على مستندات رسمية.. الخ من الوقائع التي تجعل علاقة المواطن بالموظف الحكومي لا يحكمها غير الورق والكتابة، وليس أي ورق، وإنما في الغالب نماذج حكومية وليست أية كتابة، وإنما في الغالب كتابة موثقة ضمن مفهوم المستندات الرسمية المقرر قانونا (internet world, 1998) .
وهناك إشكالات تواجه العمليات الإلكترونية، خصوصاً في ظل غياب قواعد المساءلة الجنائية على العبث بالكمبيوتر والشبكات وإساءة استخدامها وعلى الأنشطة الإجرامية المرتكبة بواسطتها ثمة خشية على أمن التعامل سواء فيما بين المؤسسات الحكومية أو بينها وبين الجمهور، ولعل من أهمها :
- إشكالات في ميدان أنظمة الرسوم والطوابع وعمليات استيفائها.
- مشكلات تتصل بإجراءات المنافسات الحكومية وشرائطها الشكلية.
- إشكالات تتصل بوسائل الدفع وقانونيتها ومدى قبول القانون للدفع القيدي (نسبة للقيد) كبديل عن الدفع النقدي.
- إشكالات في ميدان حماية أمن المراسلات الإلكترونية في ظل غياب استراتيجيات أمن شمولية في بيئة المؤسسات العربية سواء في القطاعين العام أو الخاص.
- حجية التعاقد الالكتروني وحجية الإثبات بالوسائل الالكترونية.
- الخشية من أن يكون التكامل الرقمي على حساب السرية وعلى حساب الخصوصية وحريات الأفراد ( ابراهيم ,2004 م ,121-122) .
ـ عناصر النجاح في بناء الحكومة الإلكترونية :
إذا ما ربطنا التحدي القانوني بعناصر النجاح في بناء العناصر الحاسمة لضمان بناء حكومة الكترونية حقيقة وفاعلة بوضع خطة تنطوي على عناصر النجاح، وذلك :
أن تكون الرؤية واضحة.
أن تحدد الأهداف على نحو قابل للتطبيق.
أن تخضع كافة المراحل للإشراف القيادي والمتابعة وان تحفز الخطة فرص المشاركة ولاستثمار.
أن تعامل كافة المراحل بالواقعية والشفافية.
أن تعتمد إستراتيجية المراجعة لما أنجز وما تبقى دون انجاز، وإستراتيجية التحليل اللاحق حتى نضمن توفر عنصر التطور المطلوب في مثل هذا المشروع .
ـ عوامل نجاح تطبيق الحكومة الإلكترونية :
ـ توفر البنية التحتية الملائمة التي تعرف تقنياً بالعمود الفقري للمعلومات الوطنية .
ـ توفر البيئة التي يعي فيها كل عنصر من عناصرها (المواطن ــ الحكومة ــ القطاع الخاص) أهمية التعاون على تقريب المسافات وتذليل العقبات التي تقف حاجزاً أمام الإنجاز والتنمية .
ـ القوانين والتشريعات التي تسنها الحكومات .
ـ ثقافة المجتمع ونسبة التعليم والأمية والوعي بالإنترنت ونسبة المختصين المهرة في مجال تقنيات المعلومات .
ـ سرية وأمن المعلومات في الحكومة الإلكترونية .
ـ الإعلام ودوره في توعية المواطنين والتواصل معهم ليطلع الناس على ما تقدمه الحكومة الإلكترونية للمستفيدين منها (بكري ,1421 هـ ,44) .