تتطلع كل دول العالم لتحسين مستويات المعيشة وتحقيق حياة أفضل للأفراد، وهذا يتوقف على الإنتاجية في مجالات العمل المختلفة، ويقع على عاتق رجل الإنتاج في الصناعة مسؤولية كبيرة لتحسين الإنتاجية وخاصة بالدول الصناعية, وقد ترتب على إنفاق المبالغ الضخمة على البحوث بعد الحرب العالمية الثانية تقدماً متزادياً في التكنولوجيا، وظهرت سلع جديدة وبمعدلات سريعة متزادية، وأصبحت الأسواق تموج بكل ما هو جديد ومبتكر مما يحتاج إليه إنسان هذا العصر لرفع مستوى معيشته، وهو ما أصبح يلقي عبثاً مستمراً من المسؤولية على عاتق رجال الإنتاج وأيضاً رجال التسويق، لكي يحافظوا على هذا التدفق المستمر من السلع وليكون في متناول الفرد المستهلك لها،ويجب أن تتوفر هذه السلع بالكميات المطلوبة في الأوقات الصحيحة وبأقل تكلفة ممكنة.
من ناحية أخرى فقد اتسعت السلع الجديدة، وكذلك العمليات الإنتاجية المستخدمة في تصنيعها بالتعقيد من الناحية الفنية، وهو ما أصبح يتطلب أساليب متقدمة في التصنيع ومعدات متقدمة، لكي تحقق أهداف الإنتاج، ولكي تظل المنشأة الصناعية قادرة على التنافس والبقاء، ويمكن أن تلمس هذا التعقيد في الكثير من الأجهزة والمعدات التي نستخدمها في الأغراض المنزلية والصناعية كما يمكن أن نلمس ذك في الصناعات الإلكترونية والحربية، ويتطلب هذا التعقيد في السلع المنتجة مهارات أكبر على جميع المستويات بالمنشأة الصناعية.
إن أهمية الدور الذي تضطلع به المنشأة الصناعية يتطلب أن تتوافر فيها أعلى درجة من الكفاءة، وقد يرجع تدهور الكفاية لما يأتي:
1. أن تكون الأهداف والسياسات غامضة غير محددة، مما يترتب عليه سوء التفسير والتطبيق من جانب الأفراد والإدارات والأقسام داخل المنشأة.
2. أن يكون إيصال المعلومات من الأهداف والسياسات إلى الأفراد العاملين غير فعال، مما يؤدي أيضاً إلى سوء الفهم والتطبيق.
ويمكن أن نقول بصفة عامة أن أهداف المنشأة الصناعية لا تختلف من منشاة لأخرى إلا في الصياغة والتركيز على بعض الأهداف دون الأخرى فهدف أي منشأة صناعية هو أن تنتج سلعة بجودة معينة وبكميات محددة مقدماً تبعاً لجدول زمني موضوع، على أن يتم ذلك بأقل تكلفة ممكن، للحصول على رضا المستهلك أو المستعمل لهذه السلعة، ثم تضع المنشأة من السياسات ما يساعد على تحقيق هذه الأهداف، ويجب أن تكون السياسات واضحة ومحددة في صياغتها, ولكن من ناحية أخرى، يجب أن تكون مرنة بالدرجة التي تكفي لتوفر حرية الحركة ولا تفيد التجديد والابتكار، وتغطي السياسات الموضوعة مجالات التخطيط والتشغيل والرقابة, للصناعة الحديثة خصائص يجب أن نذكرها لأنها أساسية لمعظم الأنشطة الصناعية ونوردها فيما يلي:
1. التخصص: فبعض المصانع تركز على إنتاج صنف واحد، والبعض الآخر يحصر نشاطه في إنتاج خط من المنتجات المترابطة، ويؤدي هذا التخصص عادة إلى تكاليف أقل في الإنتاج ولتحسين جودة الإنتاج، كما أن التخصص يعني تقسيم العمل، سواءً على مستوى العمال أو الإدارة فتقابل بالمصنع نوعيات من العمال بمستويات مهارة متعددة، فمنهم المهرة ومنهم متوسطوا المهارة ومنهم غير المهارة، تبعاً لاحتياجات الأعمال المختلة، ويقوم الانتاج الكبير على هذه المهارات المتعددة.
2. الميكنة: وقد بدأ الاعتماد على هذه الماكينات في الثورة الصناعية حوالي منتصف القرن الثامن عشر، وقد أمكن ظهور الإنتاج الكبير على أساس إنتاج أجزاء متبادلة بمواصفات موحدة، وأصبحنا نلمس في الوقت الحاضر أن استخدام الماكينات في كل جوانب حياتنا لم يعد يثير الدهشة أو يلفت النظر، وقد جرى على مر السنين تحويل الكثير من الأعمال والمهارات من الإنسان إلى الماكينة، ووصلنا للدرجة التي أصبح في إمكان الماكينة أن تعمل بدون الإنسان وتستمر في عملها معتمدة على نفسها، وهو ما يعرف بالآلية (Automation) والتي تعتمد على الحاسبات الالكترونية، وهو التطور الذي بدأ في الخمسينات من القرن العشرين وكان له آثار على الإدارة والعمال والإنتاج والتسويق جعل بعض الكتاب يعتبرونه بمثابة ثورة صناعية ثانية.
3. الاستخدام المتزايد للهندسة الصناعية: فقد ساعدت الهندسة الصناعية في التقليل من العادم بالصناعة وفي التحسين من الكفاية الصناعية، وكان للهندسة الصناعية فضل كبير في الإنتاج وتخفيض التكاليف، وقد طبقت مبادئ وأساليب الهندسة الصناعية في كل الأنشطة في الصناعة.
4. الاستخدام المتزايد للحاسبات الالكترونية: وهو ما أمكننا من مناولة كميات ضخمة من البيانات وحل المشكلات الرياضية المعقدة في أزمنة قصيرة لا يمكن بأي حال أن يصل إليها العقل البشري، ومع انتشار واستخدام الحاسبات الالكترونية تعددت المجالات التي تستخدم فيها، ومن ذلك البحوث العلمية والرقابة على العمليات الصناعية والرقابة على كمية وجودة الإنتاج والمواد والمخزن السلمي وأعمال الصيانة والأجور وغير ذلك، ولا زال استخدام الحاسبات يتزايد مع اكتشاف مجالات جديدة لها.
5. استخدام الطريقة العلمية في مواجهة المشاكل وعلاجها: وتبدأ الطريقة العلمية بتحديد المشكلة، ثم جمع البيانات المتصلة بها، وتحليل هذه البيانات ومن ثم استخلاص نتائج منها تساعد في حل المشكلة، وهناك من المشاكل ما يكون له طبيعة كمية، مثل المشاكل الهندسية والفنية، ومنها ما يكون له طبيعة غير كمية مثل المشاكل الإدارية.
6. استخدام بحوث العمليات: وهي أداة تساعد في اتخاذ القرارات، وتعتمد بحوث العمليات على تحويل البيانات المتصلة بالمشاكل إلى شكل كمي يساعد في تكوين ما يسمى نماذج توضح العلاقات بين ظواهر ومسبباتها، ومن ثم تساعد في الوصول لأفضل الظرق لتحقيق هدف أو أهداف معينة,
ومن مجالات تطبيق بحوث العمليات: تخطيط الجداول الإنتاجية لتحقيق أقل تكلفة ممكنة، تحميل الماكيات لتحقيق أقصى استغلال ممكن، تحديد أفضل توزيع لميزانية الصيانة، تقليل وقت الانتظار بين العمليات لأدنى حد، جدولة تدفق الموارد لتقليل تكلفة المناولة لأدنى حد، وتحديد مواقع المستودعات لتقليل تكاليف الشحن لأدنى حد ممكن,
ت*. أهداف الإنتاج: يقسم Bittle أهداف الغنتاج على النحول التالي:
1. أهداف نهائية Ultimate Goals: وهي التي تتعلق بالسلعة المنتجة وارتباطها بالعملية الإنتاجية، بعبارة أخرى هي التي تحدد جودة وكمية وتكلفة السلعة المنتجة، فالمسؤولية الأولية للإنتاج هي صنع سلعة أو مجموعة من السلع بتكلفة محددة مسبقاً وطبقاً لمواصفات موضوعة وفي حدود أوقات زمنية معينة.
2. أهداف وسيطة Intermediate Goals: هي التي تؤمن تحقيق الأهداف النهائية وتتمثل في استغلال المدخلات الإنتاجية من طاقة ومواد ومعدات وتسهيلات أخرى ومال وقوة عاملة، وهنا توضع أولاً أهداف لتوفير المدخلات ثم ثانياً لاستغلال هذه المدخلات.
3. أهداف وظيفية Functional Goals: الخاصة بأداء الأنشطة الوظيفية المتعددة لكي تدفع بهذا الأ\اء للحد الأقصى الذي يحقق الأهداف الوسيطة والنهائية، وتتصل هذه الأهداف الوظيفية بفعالية الإدارات المساعدة، مثل الرقابة على الإنتاج والتفتيش على الجودة والصيانة والرقابة على المخزون السلعي، وهنا نجد أن الأهداف أصبحت أكثر تفصيلاً وتحديداً عما كانت عليه في الأهداف الوسيطة والنهائية.
4. أهداف مقيدة Restrictive Goals: وهي الأهداف التي يلتزم بها الإنتاج تجاه الأقسام الأخرى بالمنشأة، كالتسويقوالتمويل والهندسة الصناعية، وهذه الأهداف وإن كانت تدخل ضمن المجموعات الثلاث السابقة إلا أن وضعها منفصلة الغرض منه التأكد من أنها أخذت في الاعتبار عن التخطيط، فمثلاً بالنسبة للاتزامات تجاه البيع والتسويق فإنه يجب توفير السلعة أو السلع المطلوبة وبالمواصفات المطلوبة وفي الأوقات المتفق عليها والمرغوب فيها.
5. أهداف متكاملة Integrated Goals: تنتهي عملية التخطيط عندما تصبح أهداف كل أجزاء التنظيم متكاملة حتى يتمكن التنظيم الكلي من تحقيق أهدافه بأقصى حد ممكن، ويمكن التوضيح بمثال خريطة التعادل التي تربط التكاليف الثابتة والمتغيرة بأحجام المبيعات، فتعطي مؤشرات لمدى النجاح في التخطيط المتكامل للأهداف، وهذه النظرة المتكاملة للأهداف بها أهميتها وخاصة بالمستويات العليا من التنظيم حتى يمكن تعظيم أرباح المنشأة الصناعية.
- المنشأة الصناعية وإدارة الانتاج:
أ*. مباني المصنع: بعد أن يتقرر الموقع المناسب تكون الخطوة الثانية هي إقامة المباني، وتضطلع بهذه المهمة المجموعة الهندسية بالمصنع، وهناك عوامل عدة يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تصميم مباني المصنع منها:
1. طبيعة العملية الإنتاجية ونوع السلع والمعدات المستخدمة.
2. متطلبات التنظيم الداخلي وهي سيكون على أساس السلعة أم العملية، والمساحات التي يجب توفيرها من الداخل.
3. ظروف العمل داخل المصنع، من إضاءة ودرجة حرارة وتهوية وتحكم بالضوضاء والأتربة وغيرها.
4. تسهيلات الخدمات، مثل معدات الأمن الصناعي والتخلص من المخلفات وتوفير الطاقة في الظروف الطارئة.
5. احتمالات التوسع مستقبلاً وه سيكون أفقياً أم عمودياً.
6. المظهر الخارجي، فلم يعد من المقبول أن يكون المصنع خالياً من اللمسات الجمالية في مبانيه أو الوسط المحيط به.
وقد تكون المباني من طابق أو أكثر، ولكل مزاياه وعيوبه إلا أن تحديد نوع وشكل المبنى ومكانه على الموقع والمواد التي تستخدم في البناء كب ذلك يتوقف على متطلبات العملية الإنتاجية بالدرجة الأولى.
وقد أصبح الاتجاه نحو إقامة المنشآت الصناعية خارج المدن، وبذلك تتوفر المساحات للمباني وهو ما أدى لانتشار المصانع ذات الطابق الواحد، إلا أنه في الصناعات الخفيفة لا زال هناك مكان للمصانع ذات الطوابق المتعددة.
ومن الاتجاهات أيضاً في إقامة مباني المنشآت الصناعية أن يكون هناك طابق تحت الأرض Basement يخصص لخدمات العاملين من غرف وملابس ومطاعم وأماكن ترفيه وغرف اغتسال وإسعافات أولية وغيرها، كما يخصص جزء منه كمستودع، وبهذا يتحرر الطابق المخصص للتصنيع من أي عوائق.
وبالاختصار فإنه عند إقامة المباني يجب أن تعمل على توفير أفضل ظروف ممكنة للعملية الإنتاجية وللعناصر البشرية العاملة.
ب*. تصميم العملية الإنتاجية: يعتمد نجاح المنشأة الصناعية لحد كبير على التخطيط الدقيق للعمليات الإنتاجية قبل البدء في الإنتاج، وذلك بهدف زيادة الإنتاج وتحسين الجودة وتخفيض التكاليف، ويبدأ تخطيط العملية الإنتاجية بعد تسلم تصميم السلعة وتحديد المواصفات التي يجب أن تتوافر فيها، والخطوات المتبة عادة في تصميم العملية الإنتاجية هي:
1. المراجعة الدقيقة لتصميم السلعة للتأكد من إمكانية إنتاجها على أساس اقتصادي.
2. تحديد طريقة الصنع التي تنظوي على أقل تكاليف ممكنة.
3. توفير الماكينات والأدوات وغيرها من المعدات اللازمة لتصنيع السلعة بالحودة المطلوبة والكمية المطلوبة.
4. التنظيم الداخلي للمساحة المخصصة للإنتاج.
5. إقامة الرقابة الضرورية على عوامل الإنتاج لضمان الاستخدام الفعال لها من أجل الإنتاج الاقتصادي للسلعة.
ويعتمد تصميم العملية الإنتاجية على ثلاثة عوامل رئيسية، هي:
1. حجم أو كمية السلعة المطلوب إنتاجها: ويتحدد الحجم المطلوب على ضوء المبيعات المتوقعة على مدى فترة معينة مستقبلية، وقد يقتصر الإنتاج على سلعة واحدة أو عدة سلع تنتمي لخط منتجات واحد، أو على عدة خطوط منتجات، ويتم إنتاج معظم السلع بطريقة التجميع من أجزاء متعددة، وينتج كل جزء بمواصفات نمطية طبقاً لمبدأ الأجزاء المتبادلة، ويكون هناك خط تجميع رئيسي تصب فيه عدة خطوط فرعية، وتصمم العملية الإنتاجية لكي تربط كل مراحل الإنتاج ببعضها البعض.
2. الجودة المطلوبة في السلعة: عندما تتحدد الجودة المطلوبة بدقة ووضوح يكون على مصمم العملية الإنتاجية أن يختار الطرق والمعدات التي تؤمن إنتاج الأجزاء بالجودة المطلوبة وبأقل تكلفة ممكنة، يمكن القول بصفة عامة أنه كلما ارتفعت مستويات الجودة كلما ارتفعت تكلفة الإنتاج، وعلى ذلك فإن الجودة الصحيحة هي التي تفي بالغرض لا أكثر ولا أقل.
3. نوع المعدات المطلوبة لإنتاج السلعة: يحاول مهندس التصاميم أن يراعي نوعية المعدات المتاحة عند تصميم العملية الإنتاجية، إلا أنه يجب أن يكون يقظاً وواعياً باستمرار إلى إمكانية الاستفادة من التحسينات في الادوات والمعدات والتي يمكن أن تستغل في إنتاج السلعة المطلوبة، ومن ناحية أخرى فإن تصميم العملية الإنتاجية يعني تحديد نوع الإنتاج الذي سيستخدم وهل هو إنتاج مستمر أم متقطع أم الاثنان معاً.
· الإنتاج المستمر: أي إنتاج السلع بتدفق منتظم وبمعدل محدد مقدماً، ومن الأمثلة عليه صناعة السلع الغذائية والكثير من الصناعات الكيميائية، كما نجد الإنتاج المستمر في الصناعات التي تعتمد على نظام خط التجميع، كصناعة السيارات والأجهزة المنزلية، وتحتاج الصناعة التجميعية لتحقيق التوازن بي المراحل والعمليات المختلفة على خط التجميع وبين خط التجميع الرئيسي والخطوط الفرعية، ومن مظاهر التطور الصناعي الحديث استخدام الحاسبات الالكترونية لهذا الغرض. وقد وصل هذا التطور لأقصى مداه في شكل مصانع كاملة الآلية يمكن أن تعمل دون انقطاع.
· الإنتاج المتقطع: وهنا يتم الانتاج على شكل دفعات Lots، وتكون مهمة العمليات أن يحدد الحجم الاقتصادي الذي ينتج من كل جزء ومن كل خط تجميع فرعي ومن كل خط تجميع رئيسي، ومن الأمثلة على حالات نحتاج فيها للإنتاج المتقطع عندما تنتج السلعة الواحدة بتشكيلات متعددة، والتحدي الحقيقي الذي واجهته الصناعة الحديثة هو زيادة مرونة الميكنة والآلية بحيث يمكن تصنيع أجزاء مختلفة على نفس الخط.
ت*. تجهيز المصنع بالأدوات والمعدات الرأسمالية: هناك أنواع مختلفة ومتعددة من المعدات تستخدم اليوم بالصناعة، فمنها المتخصصة التي تؤدي غرضاً واحداً، ومنها التي تؤدي أغراضاً متعددة، ومنها التقليدية التي لا تزال تعتمد في تشغيلها بالدرجة الأولى على العناصر البشرية، ومنها المعدتا شبه الآلية، ومنها كاملة الآلية التي تدار بالحاسبات الالكترونية.
وهناك عدة جوانب لمشكلة إختيار أفضل المعدات لمنشأة صناعية، وفي كثير من المنشآت يكون مهندس العمليات هو المسؤول عن تحديد نوع المعدات المطلوب استخدامها لكل عملية عندما يضع خط السير أو تتابع العمليات لتصنيع سلعة معينة، فقد يحدد ماكينات خاصة أو عامة، وقد تصمم الماكينات طبقاً لمواصفات خاصة. وقد تكون نمطية حتى تنخفض تكاليف شرائها وتشغيلها وصيانتها، وقد تحدد نوعية الماكينات على ضوء المهارات المطلوبة لتشغيلها ومدى توفر هذه المهارات. كما يجب وضع سياسة لاستبدال المكاينات عندما تتقادم وإحلالها بأخرى جديدة.
والسؤال: متى يجب أن يتم الإحلال؟ وما هي المعدات التي تمثل أفضل إحلالات ممكنة؟ ولكي يمكن عمل مقارنة اقتصادية سليمة فإنه يجب تحويل كل العوامل لاعتبارات تكاليفية، وتصبح المقارنة أساساً بين ماكينة مختلفة من الناحية التشغيلية وأخرى تنطوي على تكاليف إضافية ويجب أن تحل محلها، ومن هذه المقارنة يمكن تحديد المكسب أو الفائدة من عملية الإحلال في سنة قادمة، ومن ثم يمكن تقدير الفترة التي يتم في نهايتها استرجاع الاستثمار في الماكينة الجديدة.
هذا مع ملاحظة أنه لكي تكون سياسة الاحلال أكثر شمولاً فإنه يجب الأخذ في الاعتبار ليس فقط المعدات التي تكون موضع الدراسة وإنما أيضاً أثر هذا الإحلال على تكاليف التشغيل الأخرى بالمصنع.
ويتوقف تحديد عدد الوحدات المطلوب توفيرها من كل نوع من المعدات على كمية السلع المطلوب إنتاجها خلال فترة زمنية محددة، وعلى عدد ساعات العمل بالمصنع في تلك الفترة الزمنية وعلى معدلات الإنتاج في العمليات التي ستؤدى والوقت المطلوب لإعداد الماكينات للتشغيل، وعلى الكفاية التشغيلية للمصنع أي الطاقة الإنتاجية المستغلة للمعدات، وعلى تقديرات الفاقد من كل عملية وكل هذه العوامل يجب أن تكون معروفة أو مقدرة بدقة معقولة قبل تقدير الاحتياجات من المعدات.
وعلى ذلك فعند اتخاذ قرار بشراء وحدة جديدة من المعدات فإن القرار يجب أن يأخذ في الاعتبار عوامل عديدة مثل: التكلفة الأولية، المصاريف التشغيلية، عامل الخدمة، وسمعة المنتج، ويكون الهدف هو شراء المعدات التي تقلل التكاليف لأدنى حد ممكن مع أدائها للغرض المطلوب منها وعلى مدى عمر الاستخدام المقدر لها.
ث*. هندسة طرق الإنتاج Methods Engineering: تحليل الوسائل والمعدات المستخدمة في أداء عمل ماء، وتصميم طريقة مثلى، ثم تنميط هذه الطريقة، ويطلق على هذا المجال أيضاً دراسة الحركة Motion Study وهو متصل بقياس العمل أو دراسة الوقت Time Study.
ونحتاج إلى هندسة طرق الإنتاج في أحوال عديدة، عند تصميم مصنع جديد، تصميم عملية جديدة، تحسين عملية قائمة أو مكان عمل قائم، فحيثما يؤدى عمل فإن هندسة الطرق تكون وظيفة مطلوبة للتأكد من أن العمل يؤدى بأسهل وأكثر الوسائل أماناً وإنتاجية.
وقد نمت أعمال هندسة الطرق من أعمال فرانك و ليليان جلبرت في دراستهما حول الحركة، وكان هدفهما الوصول لما يسمى الطريقة الوحيدة الأفضل The One Best Way، وقد توصلا إلى واستخدما العديد من أساليب دراسة الحركة، مثل خريطة تدفق العملية، وخريطة حركة اليدين، واستخدام آلة التصوير في دراسة الحركة السريعة والقصيرة.
أما دراسة الوقت فتعنى بتحديد الوقت المطلوب لأداء عمل معين أو جزء من عمل، وكان قياس الأعمال من الأسس التي قامت عليها حركة الإدارة العلمية بقيادة فريجريم تيلور في أوائل هذا القرن بالولايات المتحدة، وهي الحركة التي وضعت أسس وقواعد علم إدارة الإنتاج، وبدون دراسة الوقت لا يمكن تخطيط وجدولة الإنتاج أو تقديره والرقابة على تكلفة العمل، وإيجاد التوازن على خطوط الإنتاج.
ج*. التنظيم الداخلي Plant Layout: يعنى به ترتيب الموجودات داخل المصنع، من تسهيلات طبيعية، وقوة عاملة، بالشكل الذي يكون أكثر فعالية في تصنيع السلعة، وفي القيام بكافاة الأنشطة الأخرى المساعدة للعملية الإنتاجية، من نقل وتحزين ومناولة وصيانة وغيرها، بعبارة أخرى فإن التنظيم الداخلي يهدف لزيادة الأرباح عن طريق ترتيب التسهيلات المتاحة بالشكل الي يحقق أفضل استخدام لموارد المنشأة البشرية والطبيعية والمالية. ومن العوامل الأساسية التي تؤخذ في الاعتبار عند التنظيم الداخلي للمصنع: نوع السلعة المنتجة، حجم أو معدلات الإنتاج، نظام مناولة المواد، اعتبارات الراحة والأمان للعاملين، وموقع ومباني المصنع.
ويأخذ التنظيم الداخلي أحد شكلين: إما تنزيم على أساس العملية Process Layout أو تنظيم على أساس السلعة Product Layout، وبصفة عامة يكون التنظيم على أساس العملية أحد خصائص الإنتاج المتقطع، بينما التنظيم على أساس السلعة يكون هو السائد في الإنتاج المستمر، والتنظيم على أساس العملية هو الأكثر شيوعاً بالصناعة، ولكن كلما زاد إدخال الآلية في الصناعة كلما زاد الاتجاه نحو التنظيم على أساس السلعة.
ولكل تنظيم مزاياه وعيوبه التي يجب أن يعيها من يطبق أياُ منهما، ويجب الاستعانة بالمهندسين المتخصصين لتصميم التنظيم الداخلي الذي يعمل على تدفق الأنشطة المختلفة في يسر واستمرار بداخل المصنع لتتحقق في النهاية أهداف المنشأة.
ح*. الرقابة على المواد: المواد في مرحلة إنتاجها فإننا نتناوله عند الكلام عن تخطيط ومراقبة الإنتاج وعن الرقابة على جودة الإنتاج. ويمكن تقسيم المواد بالمنشأة الصناعية لمواد أولية، وأجزاء مصنوعة، وإمدادات تشغيل، ومواد تحت التشغيل، وسلع كاملة الصنع وجاهزة للنزول للأسواق أو الشحن للعملاء.
والهدف من الرقابة على المواد عموماً هو التأكد من توفر المواد لمقابلة احتياجات المنشأة الحاضرة والمستقبلة ومن الاستخدام الصحيح لها، ولتكامل جهود وظائف الشراء والنقل والتخزين والمناولة في سبيل تحقيق هذا الهدف بأقل تكلفة ممكنة، وهذه الوظائف باختصار:
1. وظيفة الشراء: الشراء الجيد هو الذي يسعى لتوفير احتياجات المنشأة من المواد بالجودة الصحيحة والكمية الصحيحة والسعر الصحيح والخدمة الصحيحة، وتتحقق هذه الأهداف إذا تم التعامل مع المورد الصحيح، ولكي يتمكن جهاز الشراء من الوصول لأفضل مصادر التوريد فإنه يضع خططاً ويرسم سياسات ويجري دراسات، ويتم اختيار المورد الصحيح على ضوء السياسات المرسومة وبعد عملية تقييم على أساس الجودة والكمية والسعر والخدمة.
ونورد هنا بعضاً من السياسات التي تساعد في اختيار مصادر التوريد على سبيل المثال:
· التعامل مع مورد واحد مقابل التعامل مع موردين متعددين.
· التعامل مع الموردين المحليين، مقابل الخارجيين.
· التعامل مع الموردين الكبار مقابل الصغار في الحجم.
· التعامل مع المنتجين مباشرة مقابل الوسطاء.
· توفير الاحتياجات من المواد بالشراء، مقابل التصنيع داخل المنشأة.
· التبادل في الشراء، أو ما يسمى المعاملة بالمثل.
ويمكن أن نلمس أهمية وظيفة الشراء إذا تعرفنا على تكلفة المواد المشتراة كنسبة من التكلفة الكلية للسلعة المُنتجة، والتي قد تمثل في بعض الصناعات الجزء الأكبر من تكلفة الإنتاج، كما هو الحال في الصناعات الغذائية، وأصبح مما يساعد على دعم المركز الربحي والمالي للمنشأة أن ينجح جهاز الشراء في ترشيد إنفاقاته على المشتريات وتقييم أداء جهاز الشراء يكون الغرض منه التعرف على نقاط الوة والشعف في هذا الأداء.
2. وظيفة النقل: وهي إما تكون من واجبات جهازا لشراء وتفوض إليه بالمنشأة الصغير أو المتوسطة في الحجم وإما أن يكون لها جهاز خاص يسمى جهاز النقل أو الحركة كما هو الحال عادة في المنشآت الكبيرة، وتكون الواجبات التي تنطوي على وظيفة النقل ما يلي:
· تخطيط نقل المواد من الخارج لداخل المنشأة، بماذ في ذلك اختيار وسيلة النقل المناسبة، وهناك وسائل متعددة للنقل: البري بالحافلات والسكك الحديدية، والمائب النهري والبحري، والنقل الجوي.
· متابعة الشحنات من المواد لتأمين وصولها بالوقت المناسب والمكان الصحيح.
· العمل على تخفيض تكاليف النقل وتحاشي أي أخطار قد تلحق بالمواد أثناء نقلها.
· تخطيط نقل المواد من داخل المنشأة لخارجها بعد الإنتهاء من تصنيعها حتى تصل العملاء.
ولكي تؤدى وظيفة النقل بأحسن شكل فإنه يجب أن يكون هناك تنسيق وتبادل معلومات بين جهاز النقل والأجهزة الأخرى المعنية بحركة المواد: الشراء والتخزين والبيع.
3. وظيفة التخزين: تُعنى بالمحافظى على المواد منذ وصولها لحين الحاجة إليها، والرقابة على المخزون السلعي تعني تأمين احتياجات المنشأة من المواد بأنواعها المختلفة للفترة الحاضرة ولفترة مناسبة مستقبلاً بأقل تكلفة ممكنة. وحيث أنه لا تخزين بدون تكلفة فإن الوضع الأمثل قد يبدو تحاشي التخزين، إلا أن الظروف تملى على أي منشأة أن تقوم بوظيفة التخزين، ويكون المطلوب هو أن تؤدى الخدمة المخزنية على أسس علمية، وهناك مبادئ وقواعد يجب أن تؤخذ بالاعتبار سواءً عند اختيار موقع المستودعات أو عند إقامة المباني للتخزين أو عند تنظيمها من الداخل ووضع نظام لتشغيلها والرقابة عليها.
وبالنسبة لاختيار الموقع فإن أهم عامل يؤخذ بالاعتبار هو أن تكون المخازن في متناول أو قريبة من الجهة المستفيدة من الخدمة المخزنية، ومن الاعتبارات الأخرى مدى توفر الأرض للأغراض الحاضرة ولمقابلة احتمالات التوسع مستقبلاً، ومدى توفر المواصلات، وسرعة الدخول للمستودعات والخروج منها.
وقد يتقرر حسب ظروف المنشأة أن يكون موقع واحد فتكون هناك مركزية في التخزين، أو أن تتعدد المواقع فتكون لا مركزية بالتخزين, أما بالنسبة للمباني فنقول أن المخازن ليست مجرد أماكن لتمديس المواد، وإنما يجب أن تصمم المباني الصحيحة، وأن يقوم بالتصميم مهندسون متخصصون يعتمدون في تصميمها على بيانات يجمعونها، في مقدمتها نوعية المواد التي ستحفظ وكمايتها، ونوعية المعدات المستخدمة في المناولة، والحجم المتوقع للعميات داخل المخزن.
وبعد إقامة المباني يكون المطلوب تنظيمها من الداخل، وهناك عوامل واعتبارات تتعلق بترتيب المواد في المخازن هي في الواقع تطبيق لمبدأ النظام الذي وضعه هنري فايول ضمن مبادئه الأربعة عشر للإدارة والذي يقول "يجب أن يكون هناك مكان لكل شيء، ويجب أن يكون كل شيء في مكانه"، وبالتنظيم الداخلي الصحيح تتحقق السرعة والسهولة في الوصول للموارد في دخولها وخروجها، كما يتحقق الاستخدام الاقتصادي للمساحة المخزنية,ويجب وضع نظام دقيق لدخول المواد إلى المخازن وخروجها منها، مدعم بالنماذج والسجلات التي تضمن سلامة هذه العمليات وتحاشي أي أخطار قد تقع وتؤدي لخسائر, أما عن الرقابة على المخازن عموماً فهي تغطي كل الجوانب المؤثرة على الخدمة المخزنية من مواقع قد يحتاج الأمر إلى إعاد النظر فيها، إلى مبان تحتاج صيانة وقائية بصفة منتظمة، إلى مواد ومعدات مناولة يجب أن تكون تحت الرقابة المستمرة.
وعن الرقابة على المخزون السلعي نتناول جوانب عديدة تهدف إلى تأمين احتياجات المنشأة من المواد بأقل تكلفة ممكنة للفترة الحالية ولفترة مناسبة مستقبلاً، ومما يساعد على تحقيق ذلك ما يلي:
أ*. استخدام تحليل أ ب ج ABC Analysis: ينقسم المخزون السلعي على أساس قيمة الاستخدام السنوي إلى ثلاث فئات هي أ، حيث نجد مواد تمثل الجزء الأكبر من القيمة الكلية للاستخدام السنوي بينما يكون عددها أقل مقارنة بأعداد المواد من الفئتين ب و ج، أما الفئة ب فتحتل مركزاً وسطاً من حيث نسبتها إلى القيمة الكلية للمخزون السلعي ونسبتها إلى العدد الإجمالي من وحدات هذا المخزون، أما الفئة ج فتضم الأصناف التي تمثل جزءاً بسيطاً من القيمة الكلية بينما من حيث العدد تمثل الجزء الأكبر من المخزون السلعي.
والغرض من تحليل أ ب ج هو إعطاء الإنتباه الأكبر للأصناف الأهم، ويعنكس ذلك على دقة التنبؤ بالاحتياجات، وعلى نظام طلب المواد، وعلى نظام الجرد.
ب*. نظام نقطة إعادة الطلب: وفيه نحدد الحد الأقصى الذي يجب ألا يتعداه المخزون السلعي، وذلك بالوصول للحجم الاقتصادي عن طريق الموازنة بين تكاليف الشراء وتكاليف التخزين والحد الأدنى الذي يعطينا نقطة إعادة الطلب، ونتوصل إليه بالتعرف على معد الاستعمال وفترة التوريد، واحتياطي الأمان الذي نقابل به أي ظروف غير متوقعة.
ت*. جرد المخازن: ويكون الغرض منه التأكد من أن محتوويات المخازن في أي وقت تطابق ما هو مسجل في الدفاتر المخزنية، ويأخذ الجرد عدة أشكال ومسميات مختلفة، منها الجرد الشامل والجرد العشوائي والجرد الأعمى.
4. وظيفة مناولة المواد Materials Handling: كانت دائماً ولا تزال أحد العوامل العامة في الإنتاج. ولهذا تجري الدراسات وتبذل الجهود دون انقطاع بغرض ترشيد عمليات المناولة والتخفيض من تكلفتها. وبمعناها الواسع تتضمن مناولة المواد كل حركة للمواد داخل المصنع، وذلك منذ أن تصل المواد للمخازن إلى أن تخرج للعمليات متنقلة من مرحلة لأخرى حتى المرحلة النهائية لتصبح جاهزة ومعدة للشحن. وبدخول الآلية Automation في العمليات الإنتاجية تكاملت مناولة المواد مع العملية الإنتاجية وأصبحت نشاطاً واحداً. إلا أن ستظل الحاجة إلى مناولة المواد حيث معظم الصناعات لا تزال لم تدخل فيها الآلية إلا بدرجات متفاوتة. ويظل الهدف قائماً وهو العمل على ترشيد وتخفيض تكلفة المناولة، ولتحقيق هذا الهدف انعكاسات إيجابية على جوانب متعددة منها:
· انخفاض تكلفة الوحدة من السلعة المنتجة.
· انخفاض الزمن المطلوب لدورة الإنتاج.
· ممارسة رقابة أفضل على تدفق المواد أثناء العملية الإنتاجية.
· توفر الأمن الصناعي بشكل أفضل وما يترتب عليه من معنويات أعلى بين العاملين.
· تحسين مستوى الجودة وانخفاض نسبة الوحدات المعيبة التي تنتج عن سوء المناولة.
· استخدام أفضل للمساحات المخزنية وتخفيض تكلفة المخزون.
· تحقيق إنتاجية أعلى وبتكلفة أقل.
ولم يعد القيام بمناولة المواد بطريقة عملية مسألة صعبة، فقد أصبح للمناولة مبادئ يمكن الاسترشاد بها، منها ما يتعلق بالحركات التي تؤدى أثناء المناولة، ومنا ما يتعلق بتنظيم المصنع من الداخل وبتصميم العملية الإنتاجية للمساعدة في تحرك المواد وبأقل جهد ووقت وتكلفة، ومنها ما يتعلق باختيار الأدوات والمعدات المستخدمة في مناولة المواد.
خ*. تخطيط ومارقبة الإنتاج: ونعني به تنظيم وتنسيق الرقابة على أوجه النشاط الإنتاجي بما يتفق مع الخطط الموضوعة ويحقق الأهداف المطلوبة، ويسبق هذه العملية القيام بتصميم السلعة على ضوء المطالب السوقية، ثم تحديد الطرق والقوة العاملة والماكينات والأدوات والمواد المطلوبة للإنتاج.
ويغطي تخطيط ومراقبة الإنتاج أربعة جوانب أساسية في عملية الصنع، هي:
1. وضع خطة العملية الإنتاجية وتشمل:
* تحديد خط سير المواد أثناء صنعها من البداية حتى النهاية.
* تحميل الماكينات بالمهام المطلوبة وكذلك الأقسام والإدارات طبقاً للطاقات الإنتاجية، وبحيث تستغل هذه الطاقات بأحسن شكل ممكن.
* الحدولة الزمنية للعملية الإنتاجية.
وعلى ذلك يكون تحديد خط سير العملية الإنتاجية Routing هو الإجابة على سءال (كم؟)، ويكون وضع جداول زمنية للأعمال المطلوبة Scheduling هو الإجابة على سؤال (متى؟)
2. إصدار الإشارة ببدء تنفيذ الخططة الإنتاجية: ويتم عن طريق إصدار المستندات التي تحدد أي الأعمال ستبدأ ومتى يبدأ تنفيذها.
3. المتابعة: أي أن الأداء الفعلي قد بدأ، وأن أصبح يحتاج لملاحظة وتسجيل.
4. التصحيح: ويكون عندما يتضح أن هناك انحرافات بين الأداء الفعلي والأداء المخطط تجاوزت الحدود المسموح بها، ومن ثم أصبح الموقف يحتاج لإجراء تصحيحي أو علاجي، وعندما لا يكون هناك نحرافات خارجة عن المسموح به يقال أن الموقف تحت المراقبة، ويحتاج التصيح لرفع تقرير للجهة التي لها سلطة التدخل لمعالجة الوضع القائم.
وعلى ذلك نقول أن الهدف من تخطيط ومراقبة الإنتاج هو تحقيق الاستغلال الأمثل للمواد والقوى العاملة والماكينات من أجل إنتاج السلع بالمواصفات المطلوبة من حيث الجودة والكمية والتكلفة والتوقيت، وقد كان من نتائج استخدام بحوث العمليات أن أصبح في الإمكان اتخاذ قرارات أفضل في مجال تخطيط ومراقبة الإنتاج، حيث يزود العمل الصناعي مجالاً واسعاً لتطبيق طرق وأساليب بحوث العمليات، بغرض اختيار البديل الأفضل من بين عدة بدائل متاحة.
د*. الرقابة على جودة الإنتاج: تبدأ الجودة مع تصميم السلعة المراد إنتاجها، حيث يتحدد في هذا التصميم المواصفات التي يجب أن تتوافر في السلعة بما يتفق مع مطالب ورغبات المستهلكين الفعلية أو المتوقعة، وتتحول الجودة الواردة في تصميم السلعة إلى معايير جودة تؤخذ في الاعتبار بعد ذلك في كل مرحلة من مراحل الإعداد والتخطيط والتنظيم والتنفيذ لعملية الإنتاج.
والجودة اصطلاح يتحدد مفهومه وأبعاده على ضوء الغرض الذي ستستخدم فيه هذه الجودة، ويكون الهدف بعد تحديد الجودة هو تحقيقها لا أكثر ولا أقل، لأن الجوددة إن زادت عن المطلوب كان معناه ارتفاع التكلفة بلا مبرر وإذا قلت عن المطلوب فمعناه رداءة السلعة المنتجة وفشلها في أداء الغرض المتوقع منها، ويكون الغرض من الرقابة على الجودة هو التأكد من أن الجودة المنتجية هي الجودة الصحيحة، وإذا كانت هناك انحرافات خرجت عن الحدود المسموح بها فإن نظام الرقابة على الجودة يعمل على اكتشاف هذه الانحرافات بالوقت المناسب فيجري العمل على تصحيح الوضع وإعادته إلى ما يجب أن يكون عليه، ويتحقق هذا عن طريق الفحص والتفتيش على الجودة.
ويمكن أن نقول بصفة عامة أن كل شخص له علاقة بعملية الإنتاج يجب أن يشارك في مسئولية المحافظة على الجودة، بداءً من المهندس المصمم للعلمية الإنتاجية وإنتهاءً بالعامل الذي يقف أمام الماكينة وهي تدور، إلا أنه لا بد من وجود حهاز متخصص يضطلع بالمسؤولية الكاملة ويكون له سلطة الرقابة على الجودة، هذا ويلاحظ أن جهاز الرقابة على جودة الإنتاج له سلطة فنية استشارية في علاقاته مع الأجهزة الأخرى بالمنشأة وخاصة جهاز الإنتاج، حتى لا تتداخل السلطات وتتضارب الأوامر فتضيع المسؤولية. ويقع على عاتق جهاز الرقابة على جودة الإنتاج المسؤوليات التالية:
· التفتيش على جودة المواد الداخلة والمشتراة من مصادر توريد خارجية.
· التفتيش على جودة السلع المنتجة للتأكد من أنها ستصل ليد المستهلك أو المستعمل لها بالجودة المطلوبة.
· التفتيش على العملية الإنتاجية للاطمئنان إلى أن الجودة المطلوبة تحت المراقبة في جميع مراحل العملية الإنتاجية.
· تقديم النصائح في كل ما يتصل بالجودة سواءً كانت المواقف وقائية أو علاجية.
وقد يكون الفحص والتفتيش على الجودة كاملاً وشاملاً لكل الوحدات المنتجة، كما هو الحال مثلاً في صناعة السيارات حيث تفحص كل سيارة قبل أن تنزل للسوق.
وقد يكون الفحص على عينة يتم اختيارها من المجتمع الذي يراد التفتيش على جودته، وفي الحالة الثانية تستخدم الطرق الإحصائية في اختيار العينة وتحليل وتفسير البيانات لاستخلاص النتائج التي يمكن على أساسها اتخاذ قرار خاص بالجودة، والقرار هو إما أن الجودة مقبولة وتحت المراقبة وإما أنها مرفوضة وخرجت عن نطاق المراقبة ويحتاج الأمر لاتخاذ إجراء.
والوسائل المستخدمة بالفحص والتفتيش على الجودة تتوقف نوعيتها على حسب طبيعة السلع والعينات المطلوب الرقابة عليها، وقد تكون الوسائل معتمدة على الحواس البشرية أو على أجهزة ومعدات ميكانيكية أو اليكترونية، وقد تمكنت التقنية الحديثة من الرقابة على الجودة للوصول إلى متسويات من الدقة لا يتخليها العقل البشري.
ذ*. الصيانة: تُعنى وظيفة الصيانة بالمحافظة على جميع التسهيلات الإنتاجية في حالة جيدة بالمنشأة الصناعية، مما يوفر الضمان لاستمرار تدفق العمل حسب الجداول الموضوعة، وقد يترتب على زيادة الميكنة في الصناعة زيادة العقيد في برامج الصيانة، ويمتد نطاق الصيانة ليشمل مباني المصنع، والماكينات المستخدمة بالإنتاج، والمعدات المستخدمة في مناولة المواد والمعدات والأجهزة التي توفر الخدمات المساعدة من طاقة وحرارة وإضاءة وتكييف ومقاومة حريق وتخلص من المخلفات وأماكن اغتسال وغيرها.
وقد تقسم أنشطة الصيانة بحيث يقوم ببعضها جهاز الصيانة داخل المنشأة ويقوم بالبعض الآخر شركات متخصصة يتم التعاقد معها لأداء أعمال الصيانة التي لا يمكن أداؤها من الداخل، ويتوقف تنظيم جهاز الصيانة على طبيعة وحجم المنشأة ومدى اتساع وتنوع العمليات بها. ومما يساعد على القيام بأعمال الصيانة بأحسن شكل ممكن، أي بأقل تكلفة ممكنة وأقل جهد وفي أقصر وقت، أن توضع قواعد للقيام بهذه الأعمال،
ومن أهم القواعد ما يلي:
· يجب أن تكون طلبات الصيانة مكتوبة أو أن تعزز كتابةً، وأن تصل إلى النقطة الصحيحة المنوط بها عمل الصيانة المطلوبة، وكذلك فإن جهاز الصيانة يكون منظماً على شكل أقسام يختص كل منها بأعمال صيانة معينة.
· يجب أن لا يقوم عمال الإنتاج بأي أعمال صيانة إلا تحت إشراف جهاز الصيانة وممثلين عنه، إلا في الحالات الطارئة التي تتطلب إجراءات سريعة.
· يجب إحكام الرقابة على مخازن الصيانة، حيث أن عدم وجود حيوية قد يؤدي إلى تعطيل أو توقف الإنتاج، وما يترتب على ذلك من تكاليف وخسائر باهظة.
· يجب الاحتفاظ بسجلات لأعمال الصيانة المطلوبة وتلك التي تتم فعلاً، وأن تكون هناك أهداف وخطط موضوعة وسياسات مرسومة وبرامج لتساعد في ترشيد أعمال الصيانة.
وهنا نشير إلى أهية الصيانة المخططة أو الوقائية، أي تلك التي يجب القيام بها طبعاً لنظام معين، وتكون بغرض المحافظة على الأصول المطلوب صيانتها في أحسن حالة ممكنة على مدى عمرها الاستعمالي، أما الصيانة الأخرى والتي تأتي في مرتبة ثانية بعد الصيانة الوقائية فهي الصيانة العلاجية، وهي التي نلجأ إليها لإصلاح خلل أو عطل أو لتصحيح خطأ وقع فعلاً، ويجب بقدر الإمكان أن تكون الصيانة الوقائية هي القاعدة، ولا نلجأ للصيانة العلاجية إلا في الحالات الطارئة وغير المتوقعة.
وعلى ذلك فإن الحكم على مدى وفعالية جهاز الصيانة لا يكون على أساس ما يقوم به في الحالات الطارئة، ولكن على أساس مدى خلو المنشأة من مثل هذه الحالات الطارئة، وهو ما يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند وضع نظم للمكافآت التشجيعية للعاملين في جهاز الصيانة، ولكن يجب أن نذكر هنا أن من أصعب الأمور أن تكون هناك رقابة على أعمال الصيانة، لأنها أعمال بطبيعتها متنوعة ومختلفة عن بعضها البعض ومتداخلة مع جميع الأنشطة الأخرى داخل المنشأة، لذلك فقد يكون من الوسائل الفعالة في حفز العاملين في الصيانة، بجانب الأجور والمكافآت التشجيعية وما إلى ذلك، أن ننمي فيهم مشاعر الولاء والإخلاص والإنتماء، ونغذي فيهم الإحساس بالفخر والاعتزاز عندما يحافظون على ممتلكات المنشأة ويتعاونون مع غيرهم في تحقيق أهداف المنشأة.