كثيراً ما نواجه الظلم في بيئة العمل، وفي كافة جوانب الحياة، فأحياناً لا يعطونا إلا أقل مما نستحق، وأحياناً أخرى يحرمونا منه، أو يعطوه لغيرنا الذي لم يبذل من الجهد شيء، وهذا أمر مزعج حقاً، وقد يحدث لنا جميعا، وسوف يستمر حدوثه بلا شك بأشكال مختلفة، فكيف أتصرف إذا عملت عملاً مميزاً ولم آخذ حقي؟ هل أستمر في أداء العمل الجيد في المرات القادمة؟ أم أحتفظ بجهدي وتميزي ولا أقدمه لهؤلاء الذين لا يقدرونه ولا يستحقونه؟

ما يفعله البعض هو أن يتوقف عن أداء العمل الجيد إذا لم تقدره الإدارة معنوياً أو مادياً، أو تعطيه ما يستحق، حسب وجهة نظره، وما يحدث أن أداءه ينخفض طبعاً في المرات القادمة، فتلاحظ الإدارة هذا الانخفاض وبالتالي تخفض التقدير، ثم ينخفض أداء الموظف مجدداً، فينخفض التقدير... وهكذا يستمر الوضع في التدهور إلى طريق النهاية، مع استمرار تحميل كل طرف اللوم على الآخر... فالأداء المنخفض لا يستحق المكافأة، وعدم وجود المكافأة لا يستحق الأداء المرتفع.

ولكن الموظف المحترف بحق يفكر بطريقة مختلفة، ويتعامل مع تلك المواقف بطريقة مختلفة، فهو يفرق بشكل واضح بين أمرين... الأول: الاستمرار أو عدم الاستمرار في أداء العمل الجيد، والثاني: البقاء أو عدم البقاء في الوظيفة أو الشركة، وهما أمران مختلفان يستحقان التعامل معهما بطريقة مختلفة.

أما العمل الجيد فإن الموظف المحترف يعتبره جزءًا متأصلاً من شخصيته، وعادة أساسية لديه، ولا يقبل أن يخرج من يده عمل غير متقن، ليس رجاء للمكافأة ولا خوفاً من العقاب، وليس لأنهم يستحقون منه هذا الأداء المميز، ولكنه لأنه لا يستحق إلا أن يؤدي هذا الأداء. يقول العقاد: كن شريفاً أميناً، ليس لأن الناس يستحقون الشرف والأمانة، ولكن لأنك لا تستحق الضعة والخيانة.

أما بقاؤه أو عدم بقائه في الوظيفة أو الشركة، فإن هذا أمر مطروح في كثير من الأحوال، وقد ينتقل إلى وظيفة أخرى إذا كان هذا متوفراً، ولكنه لن يستمر في نفس الوظيفة ويؤدي عملاً سيئاً، ولن يظلم نفسه بأن يترك الوظيفة دون أن يجد بديلاً أفضل، ولن يتنازل عن مستوى الاحترافية في العمل الذي يقدمه.

اجعل العمل الجيد جزءاً متأصلاً من شخصيتك، وعادةً أساسية لديك، وهو ما تؤديه بشكل طبيعي غير مشروط لا يقبل التنازل ولا المساومة، أما بقاؤك أو رحيلك فهو أمر مطروح لا يؤثر على احترافيتك إذا تم بشكل مناسب.