كلمة «VAR» هي اختصار لعبارة «The video assistant referee»، وتقوم التقنية على أساس استخدام نظام إعادة لقطات الفيديو لمراجعتها قبل اتخاذ حكم المباراة لقرار قد يؤثر على سير المباراة أو للتأكد من صحة قرار اتخذه بالفعل.
تستلزم تقنية «الحكم مساعد الفيديو» وجود فريق مكون من 3 أشخاص، حكم الفيديو (ويكون حكمًا حاليًا أو سابقًا)، مساعد لحكم الفيديو، وعامل إعادة التشغيل.
ويتكون نظام الفيديو من عدة شاشات مجهزة -في غرفة ملحقة بالملعب أو خارجه- لاختزان اللقطات التي تصورها 4 كاميرات من عدة زوايا لتسهيل إعادة تشغيلها إذا استدعى الأمر ذلك، ويقوم على متابعة الشاشات الفريق الثلاثي المذكور أعلاه، ويقع على خط الملعب شاشة أخرى صغيرة خاصة بحكم المباراة، فيما يتواصل مع الفريق الثلاثي عبر سماعات الأذن للتناقش حول القرار.
يقوم عامل إعادة التشغيل بعرض اللقطة المرادة من عدة زوايا ثم إعادة تشغيلها ليشاهدها حكم مساعد الفيديو والحكم الرئيسي كل في موقعه، على إثر ذلك يتخذ حكم الساحة قرارًا أو يلغي قرارًا بحسب ما توصل إليه.
يطلق الحكم صافرته ويرسم بيديه نافذة في الهواء إشارة إلى اعتزامه اللجوء إلى إعادة مشاهدة اللقطة، ثم يتوجه إلى خط الميدان ويشاهد عبر صندوق الشاشة اللقطة المقصودة، قبل أن يعود إلى الملعب ويتخذ قراره.
يُسمح للحكم بأن يتجاهل طلب لاعبي أي من الفريقين المتنافسين استخدام تقنية الفيديو إذا ما رأى أن الأمر لا يتطلب ذلك، ويتواصل حكم الميدان مع مساعد الفيديو عبر السماعات لمعرفة أهمية إعادة اللقطة أم لا.
ككل التقنيات الحديثة أثار استخدام تقنية الفيديو لأول مرة في ملاعب كرة القدم جدلًا واسعًا في أوساط اللعبة الأكثر شعبية في العالم، ولا يزال الجدل قائمًا بحجة أن التقنية لم تقلل من ارتكاب الحكام للأخطاء، بل زادتها فجاجة في بعض الأحيان.
بداية القصة
وافق «الفيفا» على استخدام تقنية «الحكم مساعد الفيديو» لأول مرة في مباريات رسمية خلال منافسات كأس العالم للأندية 2017، ثم عاد وأقرها في كأس القارات الأخيرة بروسيا، الأمر الذي أطلق العنان لألسنة منتقدي التقنية، فقد رأى البعض أنه لا داعي لإقحام التكنولوجيا بعمل الحكم، وأن الأخطاء التحكيمية جزء لا يتجزأ من متعة اللعبة -على حد زعمهم-.
فيما اعتبر المؤيدون أنها ستقلل من أخطاء الحكام ومن تعرض بعض الفرق للظلم جرَّاء اتخاذ قرارات تحكيمية خاطئة، كما تنفي عن الحكام أنفسهم تهم الانحياز أو محاباة فريق على حساب آخر.
لكن الاتحاد الدولي بقيادة السويسري «جياني إنفانتينو» اعتمد سياسة تكنولوجية واضحة منذ توليه مهمة قيادة الفيفا في الـ26 من فبراير/ شباط من عام 2016، وشرع في العمل على إدخال تلك التقنية إلى ملاعب كرة القدم شيئًا فشيئًا.
على الرغم من أن سلفه ومواطنه «جوزيف بلاتر» الرئيس السابق للفيفا والذي قدم استقالته عام 2015 إثر اتهامات بالفساد، قد انتهج سياسة عدم إقحام التكنولوجيا في كرة القدم خشية إفسادها، إلا أن صاحب الـ48 عامًا أظهر انفتاحًا كبيرًا على عالم التقنية وأعلن أن في جعبته الكثير فيما يتعلق بإضافة تقنيات إلى اللعبة تسهم في الارتقاء بها.
كان موقف بلاتر الرافض لاستخدام هذه التقنية في ملاعب الكرة، بسبب ما شهدته مواجهة نهائي كأس العالم في ألمانيا 2006 بين إيطاليا وفرنسا وأثر على مجريات المباراة، حين سدد الفرنسي زين الدين زيدان نطحته الشهيرة باتجاه المدافع الإيطالي ماركو ماتيرازي، الأمر الذي لم يشاهده الحكم الأرجنتيني «هوراسيو أليزوندو» آنذاك، لكن مساعده الرابع تمكن من مشاهدة اللقطة في إعادتها على شاشة العرض الكبيرة بالملعب، مشيرًا إلى الحكم الميداني لإشهار البطاقة الحمراء في وجه زيدان، لتخسر فرنسا المباراة بركلات الترجيح بعد طرد زيزو بدقائق معدودة.
يقول الحكم أليزوندو بعد مرور نحو 7 أعوام على الواقعة في حديثه إلى وسائل الإعلام: «لم أشاهد ما حدث، فجأة وجدت ماتيرازي ممددًا على الأرض لكنني لم أعرف السبب، انتظرت أن ينهض، فلم ينهض، فاضطررت لإيقاف اللعب وذهبت إليه وقد كان يبعد عني نحو 25 إلى 30 مترًا».
ويتابع: «فورًا طلبت عونًا من مساعدي داريو غارسيا عبر سماعات الأذن، وسألته هل رأيت شيئًا؟ لماذا هو ممد على الأرض؟ ما الذي حدث؟ فأجابني بأنه لا يعرف أيضًا وأنه لم يشاهد ما حدث، فاتجهت إلى مساعدي الآخر رودولفو وسألته عما حدث فأخبرني بأنه لم يرَ شيئًا».
«انتابتني الشكوك بأن هناك أمرًا ما قد حدث، لكنني لم أعرف ما هو، وفجأة سمعت صوت الحكم الرابع ميدينا كانتاليخو يتردد في سماعة أذني قائلا: هوراسيو لقد رأيت ما حدث، إنها ضربة عنيفة جدًا من زيدان على صدر ماتيرازي، هنا عرفت أن شكوكي صحيحة، وقبل أن أشهر البطاقة الحمراء في وجه زيدان، سألت كانتاليخو: هل فعل ماتيرازي شيئًا لزيدان جعله يقوم بضربه؟ فأجابني: بصراحة أنا لا أعلم فقد رأيت الضربة فقط».
ويكمل أليزوندو: «هنا اتجهت إلى مساعدي داريو الذي لم يشاهد الواقعة، لكنني ذهبت إليه طلبًا للمشورة كي اتخذ قرارًا سليمًا، فقد كان من الواضح أن معظم لاعبي الفريقين لم يروا الحادثة، وعمَّ صمت مطبق في الملعب، وظللنا نتناقش نحو 10 دقائق قبل أن أدير ظهري وأتجه إلى زيدان الذي كان واقفًا هناك بكل هدوء وأشهر البطاقة الحمراء في وجهه وأطرده من الملعب».
بالطبع لم يرَ الحكم أليزوندو أو أي من مساعديه بداية الحادثة التي افتعلها ماتيرازي حين تلفظ بسباب عنصري ضد زيدان، الأمر الذي كان ليتسبب في طرد المدافع الإيطالي أيضًا إن أظهرت اللقطات تعديه اللفظي على قائد المنتخب الفرنسي، وهو الشيء الذي تكفله تقنية الفيديو حاليًا من إظهار كل أحداث اللقاء بما في ذلك حركات شفاه اللاعبين.
على إثر ذلك تم منع إعادة اللقطات في شاشات العرض الكبيرة بالملاعب؛ لأن الفيفا رأى حينها أنه يجب ألا تؤثر مشاهدة الإعادة على قرار الحكم لإعلاء سيادته على أرض الميدان.