د. عبد الله معروف*
لا يمكنني أن أصف ما حدث يوم الأحد 28/2/2010م في المسجد الأقصى المبارك بأي تعبير أقل من وصفه الصحيح في نظري: (فضيحة)..!
نعم..! فضيحة على المستوى الرسمي والشعبي العربي والإسلامي، وفضيحة على المستوى الفلسطيني، وفضيحة على كافة الصعد.. فبوابات المسجد الأقصى المبارك التسعة المفتوحة للمسلمين تغلق في وجوههم بالجنازير لأول مرة في التاريخ الحديث، وبالمقابل تفتح بوابة المغاربة المحتلة ليدخل منها مئات – إن لم يكن آلاف – المستوطنين في عيد البوريم (المساخر) اليهودي لهدف معلن واضح جلي هو "الصلاة" في رحاب المسجد الأقصى المبارك.. ويقطع المستوطنون المتطرفون أسلاك الكهرباء ليمنعوا النداءات من الانطلاق من مآذن المسجد الأقصى المبارك للمسلمين خارجه، والتي وصلت بالرغم من كل هذه الإجراءات.. ولا يتمكن أحد من أبناء القدس الشرفاء أن يصل إلى المسجد الأقصى المبارك لنصرته بعد إغلاق البوابات بالجنازير وتجمهر آلاف الجنود في كل مكان ليمنعوهم من نصرة الأقصى المبارك في وجه هذه الهجمة الوحشية.. إلا بقيةً من عشرات الشبان الذين أسعفهم رباطهم في الأقصى رغم أنوف قوات الشرطة الصهيونية منذ الليل ليحموا الأقصى بصدورهم... والذين حشروا بدورهم داخل الجامع القِبلي وأغلقت في وجوههم ساحات المسجد لتضيق في وجههم بعد أن اتسعت لآلاف المستوطنين الذين دخلوا لأول مرة بهذه الأعداد وبهذه الطريقة.
ماذا أسمي ما حدث إلا فضيحةً كبرى وذنباً لا يغفر لجميع أبناء هذه الأمة عربهم وعجمهم وكبيرهم وصغيرهم وذكرهم وأنثاهم؟؟! صدمتني ردة الفعل التي لم تكن موجودةً أصلاً لنتكلم عنها، فهذا الصمت المطبق لا يمكن أن نشبهه إلا بكلام أهل القبور – إن تكلموا – أو حتى أشبه ما يكون بصوتٍ متواطئٍ مع الاحتلال. والأعجب أن تظهر أصوات – كنا قد حذرنا منها سابقاً – تقول إن هذا الأمر كله ليس إلا "تهرباً" من "استحقاقات السلام" وغير ذلك من الكلام الممجوج الذي أصبح أثقل على آذاننا وقلوبنا من صوت دبابات الاحتلال.
إن ما حدث في المسجد الأقصى المبارك يوم الأحد لم يكن مفاجئاً، ولكن توقيته بعد أيام من إعلان المسجد الإبراهيمي في الخليل "تراثاً يهودياً" كان لا ريب أسرع من المفترض، فقد عودتنا قوات الاحتلال أن تقوم بحركةٍ معينةٍ ثم تنتظرَ فترةً ريثما تهدأ الخواطر وتموت بعض القلوب لتقوم بخطوةٍ أخرى أشد. لكنها هذه المرة اعتمدت على السكون المطبق الذي ساد الأمة العربية والمسلمة بل حتى الشعب الفلسطيني – إذا ما استثنينا الخليل والقدس وغزة – بعد تجربتها في المسجد الإبراهيمي في الخليل قبل أيام من اقتحام المسجد الأقصى المبارك، وأقدمت على هذه الخطوة التي تعني فعلياً بداية العمل الحقيقي على الأرض لتقسيم المسجد الأقصى المبارك بين المسلمين واليهود.
ربما يكون التقسيم الأولي في هذه المرحلة تقسيماً زمنياً كما حدث في المسجد الإبراهيمي قديماً قبل مجزرة عام 1994م، لكن شدة ضعف رد الفعل العربية والمسلمة قد تغري الاحتلال بأن يتقدم مباشرة إلى الخطوة الأشد والأكبر التي يخطط لها هذا العام؛ وهي اقتطاع جزء من ساحة المسجد الأقصى المبارك لصالح اليهود نهائياً. وكنا قد طالبنا بإجراء حالي تحذيري شديد اللهجة على المستوى الشعبي والرسمي بحيث يصيب دولة الاحتلال بالتخوف من القيام بأي إجراءات متقدمة ويكون له بالتالي أكبر الأثر في حماية المسجد الأقصى المبارك والمقدسات في المستقبل القريب، وأرى كما يرى غيري من المختصين في هذا المجال أن هذه الخطوة لم تعد مطلوبة فقط، بل أصبحت الآن المقياس الوحيد لتحديد الموقف والصف الذي يقف فيه أبناء هذه الأمة على المستوى الرسمي وعلى المستوى الشعبي من القضية كلها، وذلك على طريقة "من ليس معنا فهو علينا" (وأستميحكم عذراً لهذا التعبير وما يثيره فينا من ذكريات جورج بوش الأليمة)، فمن لم يتحرك الآن بهذا الاتجاه كان في الحقيقة في صف الاحتلال ومعيناً له على تدمير مقدساتنا وتهويد القدس، سواء كان قاصداً أم غير قاصد. والقضية لم تعد تحتمل الانتظار والترقب، فالأوراق كشفت، والقضية كلها اتضحت، والمستقبل الذي كنا نترقبه ونتوقعه أصبح الآن حقيقةً واقعة، فاختاروا لأنفسكم...!
لا يمكنني أن أصف ما حدث يوم الأحد 28/2/2010م في المسجد الأقصى المبارك بأي تعبير أقل من وصفه الصحيح في نظري: (فضيحة)..!
نعم..! فضيحة على المستوى الرسمي والشعبي العربي والإسلامي، وفضيحة على المستوى الفلسطيني، وفضيحة على كافة الصعد.. فبوابات المسجد الأقصى المبارك التسعة المفتوحة للمسلمين تغلق في وجوههم بالجنازير لأول مرة في التاريخ الحديث، وبالمقابل تفتح بوابة المغاربة المحتلة ليدخل منها مئات – إن لم يكن آلاف – المستوطنين في عيد البوريم (المساخر) اليهودي لهدف معلن واضح جلي هو "الصلاة" في رحاب المسجد الأقصى المبارك.. ويقطع المستوطنون المتطرفون أسلاك الكهرباء ليمنعوا النداءات من الانطلاق من مآذن المسجد الأقصى المبارك للمسلمين خارجه، والتي وصلت بالرغم من كل هذه الإجراءات.. ولا يتمكن أحد من أبناء القدس الشرفاء أن يصل إلى المسجد الأقصى المبارك لنصرته بعد إغلاق البوابات بالجنازير وتجمهر آلاف الجنود في كل مكان ليمنعوهم من نصرة الأقصى المبارك في وجه هذه الهجمة الوحشية.. إلا بقيةً من عشرات الشبان الذين أسعفهم رباطهم في الأقصى رغم أنوف قوات الشرطة الصهيونية منذ الليل ليحموا الأقصى بصدورهم... والذين حشروا بدورهم داخل الجامع القِبلي وأغلقت في وجوههم ساحات المسجد لتضيق في وجههم بعد أن اتسعت لآلاف المستوطنين الذين دخلوا لأول مرة بهذه الأعداد وبهذه الطريقة.
أمام هذا الحدث الخطير والهجوم الشرس الأول من نوعه في المسجد الأقصى المبارك نفاجأ بصمتٍ غريبٍ رسمي وشعبي شامل، فالضفة الغربية لم تخرج إلى الشوارع ولم تهب لنصرة المسجد ولا حتى بمظاهرات "سلمية"، والشعوب العربية لم تتحرك ولم تبد أي هزةٍ أو رعشةٍ إطلاقاً، والإعلام لم يغير برامجه ولم يتحدث عن شيء إلا في نشرات الأخبار (حتى إنه كان خبراً ثانياً في بعض القنوات). حتى وصل الأمر صباح الأحد إلى أن تقف مراسلة إحدى القنوات الإخبارية العربية الكبرى في القدس أمام الشاشة وجنود وقطعان المستوطنين يظهرون وراءها وهم يجوبون ساحات المسجد الأقصى المبارك لتقول على الهواء مباشرةً: (المستوطنون لم يدخلوا المسجد الأقصى المبارك، وإنما دخلوا ساحات "الحرم القدسي" فقط)..!! وما علمت المسكينة أن لا وجود لكيان اسمه "الحرم القدسي"، وإنما هو المسجد الأقصى المبارك، وبينما كانت المراسلة المسكينة تشير إلى الجامع القبلي باسم "المسجد الأقصى" كانت قطعان المستوطنين المحتلين تجول ساحات المسجد الأقصى المبارك طولاً وعرضاً وتصلي فيه دون أن تدري أنها قطعت من الأقصى المبارك الحقيقي بكلامها 96% من مساحته لصالح واحد من مبانيه فقط. ولم يذكر أحد أن المسجد الأقصى المبارك كله كان ينتهك في ذلك اليوم بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ولم نر هبةً إلا من شرفاء أهل القدس وإخوانهم أهالي الداخل الفلسطيني الذين وقفوا وحدهم في وجه دولة الاحتلال بجيشها وجبروتها.
ماذا أسمي ما حدث إلا فضيحةً كبرى وذنباً لا يغفر لجميع أبناء هذه الأمة عربهم وعجمهم وكبيرهم وصغيرهم وذكرهم وأنثاهم؟؟! صدمتني ردة الفعل التي لم تكن موجودةً أصلاً لنتكلم عنها، فهذا الصمت المطبق لا يمكن أن نشبهه إلا بكلام أهل القبور – إن تكلموا – أو حتى أشبه ما يكون بصوتٍ متواطئٍ مع الاحتلال. والأعجب أن تظهر أصوات – كنا قد حذرنا منها سابقاً – تقول إن هذا الأمر كله ليس إلا "تهرباً" من "استحقاقات السلام" وغير ذلك من الكلام الممجوج الذي أصبح أثقل على آذاننا وقلوبنا من صوت دبابات الاحتلال.
إن ما حدث في المسجد الأقصى المبارك يوم الأحد لم يكن مفاجئاً، ولكن توقيته بعد أيام من إعلان المسجد الإبراهيمي في الخليل "تراثاً يهودياً" كان لا ريب أسرع من المفترض، فقد عودتنا قوات الاحتلال أن تقوم بحركةٍ معينةٍ ثم تنتظرَ فترةً ريثما تهدأ الخواطر وتموت بعض القلوب لتقوم بخطوةٍ أخرى أشد. لكنها هذه المرة اعتمدت على السكون المطبق الذي ساد الأمة العربية والمسلمة بل حتى الشعب الفلسطيني – إذا ما استثنينا الخليل والقدس وغزة – بعد تجربتها في المسجد الإبراهيمي في الخليل قبل أيام من اقتحام المسجد الأقصى المبارك، وأقدمت على هذه الخطوة التي تعني فعلياً بداية العمل الحقيقي على الأرض لتقسيم المسجد الأقصى المبارك بين المسلمين واليهود.
ربما يكون التقسيم الأولي في هذه المرحلة تقسيماً زمنياً كما حدث في المسجد الإبراهيمي قديماً قبل مجزرة عام 1994م، لكن شدة ضعف رد الفعل العربية والمسلمة قد تغري الاحتلال بأن يتقدم مباشرة إلى الخطوة الأشد والأكبر التي يخطط لها هذا العام؛ وهي اقتطاع جزء من ساحة المسجد الأقصى المبارك لصالح اليهود نهائياً. وكنا قد طالبنا بإجراء حالي تحذيري شديد اللهجة على المستوى الشعبي والرسمي بحيث يصيب دولة الاحتلال بالتخوف من القيام بأي إجراءات متقدمة ويكون له بالتالي أكبر الأثر في حماية المسجد الأقصى المبارك والمقدسات في المستقبل القريب، وأرى كما يرى غيري من المختصين في هذا المجال أن هذه الخطوة لم تعد مطلوبة فقط، بل أصبحت الآن المقياس الوحيد لتحديد الموقف والصف الذي يقف فيه أبناء هذه الأمة على المستوى الرسمي وعلى المستوى الشعبي من القضية كلها، وذلك على طريقة "من ليس معنا فهو علينا" (وأستميحكم عذراً لهذا التعبير وما يثيره فينا من ذكريات جورج بوش الأليمة)، فمن لم يتحرك الآن بهذا الاتجاه كان في الحقيقة في صف الاحتلال ومعيناً له على تدمير مقدساتنا وتهويد القدس، سواء كان قاصداً أم غير قاصد. والقضية لم تعد تحتمل الانتظار والترقب، فالأوراق كشفت، والقضية كلها اتضحت، والمستقبل الذي كنا نترقبه ونتوقعه أصبح الآن حقيقةً واقعة، فاختاروا لأنفسكم...!
*أستاذ دراسات بيت المقدس - مسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى المبارك
تعليق