التوبة _ من يريد يرجع الى الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم . إن الحمد لله نحمده ونستعينه, ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً. وبعد,
الموضوع الذي أردت أن أتحدث عنه ببساطة هو في عبارة واحدة.. "تعالوا نفتح صفحة جديدة مع الله تبارك وتعالى" تعالوا معاً نجرب ذلك... تعالوا نتوب إلى الله... هل تعلمون ما معنى أن نتوب؟ إنها كلمة كبيرة جداً... وماذا نفعل؟
نرجع إلى الله عز وجل...ولماذا نتوب؟ وعن ماذا نتوب؟ وماذا فعلنا كي نتوب؟؟
دعوني أحدثكم عن أشياء نقوم بها ولا ندري كم هي كبيرة, وكم هو غفور رحيم... فهل نحبه؟! أتدرون ماذا نفعل؟
نفعل أشياء كثيرة, نقوم بعمل الكبائر, ودعونا نتحدث عن كبائر من نوع آخر غير الخمر والعلاقات المحرمة, هناك كبائر وكوارث أخرى مثل ترك الصلاة أو التقصير في الصلاة... تخيل أن الله خلقك وأنت عبده وتقول له لست قادراً على عبادتك!! أنت لا تقولها بلسانك ولكن تصرفك يقول ذلك! أتعلم ما معنى أنك لا تصلي؟؟ وكأنك تقول لله.. "أنا غير قادر على أن اسجد لك وعبادتك ثقيلة على قلبي"!!
أليست هذه كبيرة؟! أتعلمون ما معنى كبيرة؟ أي كبيرة عند الله عز وجل. ممكن تشاهد مباراة كرة قدم مدتها ساعتان, لكن عشر دقائق وقفة بين يدي الله ثقيلة على قلبك! لا حول ولا قوة إلا بالله.
أتعلم أن كل نفس هي من عند الله؟ أنت لا تضمن أن تغمض عينيك فلا تفتحها مرة أخرى! نحن بدون الله لا شيء... فكيف بعد ذلك لا تسجد له خمس دقائق؟! إن الله يغفر كثيراً, لكن هناك دائرة إذا دخل أحد فيها يغضب الله عليه بشدة... أتعلمون ما هذه الدائرة؟ إنها ترك الصلاة وعقوق الوالدين. النار لها أبواب كثيرة, وهناك باب من أبواب النار يسمى "سقر", أتعلمون ما سقر؟ قال الله تعالى في سورة المدثر: "وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ {27} لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ {28}" إنه العذاب الشديد... والملائكة تقف على باب سقر وتسأل من يدخلونها:
"مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ {42}"؟ فيردوا: "لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ {43}" أهناك وضوح أكثر من ذلك؟! وقالوا: "وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ {45}" أتعلمون ما معنى ذلك؟!
كلما يكون هناك أحد على معصية فأنت معه و كلما يخوض أحد في أشياء تغضب الله تكون معه فيأتي يوم القيامة, فينادى على كل أصحاب المعاصي فأنت معهم و تفضح!! أليست كبائر؟؟ أرجوكم الصلاة... ولا تقل أنك سيئ وعندك أخطاء كثيرة وعندك كذا وكذا... لازم تصلي! لا تقطع العلاقة التي بينك وبين الله... ومعنى تركك للصلاة أي أنك لم تعد محتاجاً إلى الله وكأنك تقول له أنك قادر على القيام بأي عمل في الحياة دونه!!! أترون أن المعنى خطير؟؟ إذن هناك كبائر وكوارث نقوم بعملها في حياتنا ويجب أن نتوب... كم سنة سنعيش؟ سبعين سنة؟ تخيل.. سبعون عاماً وسوف تختبر... إن كانت أعمالك صالحة فلك الجنة، وإن كانت أعمالك فاسدة فالنار هي المأوى... أريد أن أقول لكم أنه منذ مائه سنة فقط لم يكن أحد منا على وجه هذه الأرض, وبعد مائه سنة قادمة لن يكون منا أحد على وجه هذه الأرض!! أتعلمون... إن الأرض لا يبقى عليها أحد وكل فترة من الزمن يذهب أناس ويأتي غيرهم، وسيتغير من عليها كل مائه عام. القضية هي هل سوف ندخل الجنة أم لا؟ هل الله راض عنا أم لا؟ كلنا ذاهبون!!... لذلك نحتاج أن نتوب لأن عندنا كوارث...ترك الصلاة... وهل يعقل أن تترك الصلاة؟؟! أيعقل أنك منذ خمس سنوات لا تستيقظ لتصلي الفجر؟!! كيف تفكر؟؟ أين عقلك؟! هل نتوب أم لا بعد كل ذلك؟!...
و الله لدينا مصائب وكبائر لا ندري بها, وكم هي كارثة أن نعتني بأشياء مختلفة, وعبادة الله عز وجل لا نعتني بها!! وكيف لا نتوب؟!!
أتعلمون ماذا يحدث لأرواحنا كل ليلة أثناء النوم؟ أتعلمون أن النوم موتة ولكن موتة صغيرة، وأن الله عز وجل كل ليلة يأخذ الروح عنده ثم يرجعها؟! يقول الله تعالى: "الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها" أي أن كل الأرواح تطلع إلى الله عز وجل أثناء النوم, ويكمل الله تعالى بقوله: "فيمسك التي قضى عليها الموت" فلا ترجع الروح للذين كتب عليهم الموت, أما الذين كتب لهم العيش فيردها إليهم مرة أخرى... والله نحن ضعفاء جداً... وكيف نعصي الله وننام وهو علينا غاضب؟؟!! أتعلمون أن الشيطان يزين لك المعصية في الليل وذلك لتتحدى الله وتنام ويأخذ الله روحك وأنت في قمة العصيان؟؟!! فيقول الشيطان: أليس هذا يا الله من أكرمته علي؟! فها هو عاص وضائع!
أرجوك لا تنم على معصية، لربما لا ترجع لك روحك مرة أخرى... بالله عليكم تعالوا معاً نتوب... هناك كبيرة أخرى وهي عقوق الوالدين...
نزول دمعة أم تكون أعظم عند الله من ذنوب سنة, واحمرار وجه أب غضب أعظم عند الله من ذنوب سنة! وبنت تحدث ولداً من وراء أهلها, تكتب عند الله خائنة لأنها خانت أباها وأمها! يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يرفع لكل خائن لواء يوم القيامة, مكتوب عليه هذه خيانة فلانة"... وما هي هذه الخيانة؟ إنها علاقة حرام من وراء أهلها... وقال الله تعالى: "ليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها" وستسألين يوم القيامة: "من خنت"؟... "أبى وأمي"؟!!...عقوق الوالدين... هل تتخيلون كم هي كبيرة من الكبائر؟
وما الحل؟
إذن يجب أن نتوب ونفتح صفحة جديدة مع الله عز وجل. ودعوني أخبركم بأننا نرتكب غير الكبائر آلاف الصغائر والتي تحدث كل يوم كالنظرة الحرام, وظهور المرأة بدون الحجاب... يحكي النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلم سوف يأتي يوم القيامة فيقول الله تبارك وتعالى: "انشروا له سجلات سيئاته" فينشر له تسعة وتسعون سجل من السيئات كل سجل كمد البصر (حوالي أربعين كيلومتراً)..
آلاف من الذنوب ليس لها نهاية تلقى في ميزان السيئات (غيبة, نميمة, نظرة حرام, استهزاء بالناس)... هل أنتم متخيلون لكل ذلك؟!
ورغم كل ذلك فالله رحيم جداً بنا... فهيا إذن نقترب منه.وهل هناك ذنوب غير الكبائر و الصغائر؟ نعم, هناك نعم كثيرة أعطانا الله إياها ولا نشكره عليها... وهل مازال هناك شيء نتوب عنه؟ نعم, وهو شيء خطير جداً ألا وهو الغفلة عن الله عز وجل !!
الناس على ثلاثة أنواع:-
النوع الأول: المؤمن.. وهو من يريد أن يكون دائماً أفضل وربما يخطئ ولكن دائماً يتوب إلى الله ويرضي الله بقدر ما يستطيع.
النوع الثاني: الفاسق الفاجر الذي لا يترك معصية ولا ذنباً إلا فعله وهو شديد السوء.
النوع الثالث الغافلون وهم أكثر الناس الآن!! شارد عن الله, ربما تكون هي ذات أخلاق عالية, وهو لا يدخن ولا يفعل شيئاً خاطئاً, ولكن لا يعرف الله حق المعرفة!
دعونا نسأل سؤالاً وبصراحة.. ما هي أولوياتك؟؟ رقم واحد البنات, رقم اثنين كرة القدم ورقم ثلاثة المستقبل والنقود, ورقم أربعة ............!! وأين الله؟؟!! أين الله في حياتك؟؟!! أرجوكم يجب أن نعدل الأولويات... يجب أن يكون الله عز وجل ومرضاته في أول أولوياتك... نريد أن نتوب عن الغفلة... أتدرون أن الغفلة أسوء من الكبائر؟! أتعلمون أن الغافل أسوء من العاصي؟! وذلك لأن العاصي الفاجر لا يسعد بمعصيته لأنه يعلم أن المعصية لها ذل... لكن الغافل لا يدري أنه في غفلة عن الله ويقنع نفسه بأنه في الطريق الصحيح ويبقى كذلك والشيطان يضحك عليه!أتدرون ماذا يفعل الشيطان مع الغافل؟؟ يجعله دائماً شارد الذهن عن الله سنين حتى يموت, لا يقوم بعمل المعصية وذلك لأنه إن فعلها أفاق من غفلته وعاد إلى الله... لذا فالغفلة أسوء من الكبائر!
هل عرفتم الآن لماذا يجب علينا أن نتوب؟؟ تحدثنا عن ذنوب كثيرة نقوم بها... تعالوا معاً ننتقل إلى شيء آخر, تعالوا ننتقل إلى فرحة عظيمة ونعرف ماذا يقول الله عزوجل. يقول الله تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمه الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً" و هل بعد كل ذلك يغفر لنا الله؟؟ نعم إنه الغفور الرحيم! أيها الشاب، هل تحبه بعد كل ذلك أم لا؟! كم مرة كنت في مستنقع ذنوب ونجاك الله عز وجل ؟! ويكمل الله تعالى قوله.. "إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم"... ومعنى أنيبوا أي ارجعوا إلى الله تعالى وعودوا إليه.
انو التوبة من الآن وبادر بها...أتدرون أن الحج يغفر الذنوب جميعاً؟ والتوبة تغفر الذنوب جميعاً فكأنك ولدت من جديد... ويكمل الله عز وجل آياته.. "وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب وأنتم لا تشعرون"... أي أسلموا واخضعوا إلى الله قبل أن يأتيكم عذاب شديد من عنده وأنتم في غفلة. وقال الله تعالى: "ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده"؟ أي أن الله يقبل التوبة بمجرد توبة العبد.
ولماذا يفعل معنا الله كل ذلك؟ لأنه يحبنا و هو خالقنا ويريد أن يغفر لنا.ويقول الله تعالى: "والله يريد أن يتوب عليكم", فالله يريد لنا التوبة بمجرد الاستغفار... ويقول.. "ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون"... فيغضب الله عز وجل عندما لا يريد العبد أن يتوب إليه.
ويقول سبحانه وتعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلهً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهاناً * إلا من تاب وآمن و عمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات"... أرأيتم كيف يتوب الله على العبد؟ بل ويبدل السيئات بحسنات... أفلا تحبه ؟!! ويحكي النبي صلى الله عليه وسلم: "أن رجلاً يأتي يوم القيامة فيقول له الله عزر وجل: اقرأ سيئاتك, فكلما مر الرجل على سيئة يسود وجهه ويظن أنه هالك, فيقول له الله تبارك و تعالى: يا فلان.. ألم تكن قد تبت؟ فيقول العبد.. نعم يا رب قد تبت. فيقول له تبارك و تعالى: اقرأ كتابك مرة أخرى, فيمر بالسيئة فإذا بها تقلب حسنة وكل سيئة قرأها قلبت إلى حسنة وأبدلت كل السيئات بحسنات"!!! رأى الرجل أن السيئات قلبت إلى حسنات وزادت كفة الحسنات... فقال الرجل: "يا رب لي سيئات أخرى لم تكتبها الملائكة"... هل ترون رحمة الله عز وجل؟ كم هو رحيم... هل بدأ قلبك يحبه ؟! أما زالت الدنيا أفضل عندك أم مرضاة الله والتوبة إليه؟! يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة". وهل يستغفر النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة في اليوم وهو معصوم ولا يرتكب أخطاء؟! وعن ماذا كان يتوب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟ كان يتوب عن اللحظات البسيطة التي ربما غفل فيها عن الله... وكان الصحابة يقولون: "كنا نعد لرسول الله في المجلس الواحد أكثر من مائة و سبعين استغفاراً". أرأيتم كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم؟
كم نحن الآن بحاجة إلى التوبة...
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "يتنزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ينادي هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟"... ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل". ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يفرح بتوبة عبده" ألا ترون أن المسألة سهلة؟! وروي أن رجلاً من بني إسرائيل عصى الله أربعين عاماً, فلما اقترب موعد موته قال لأبنائه: إن أنا مت فاحرقوني حتى إذا صرت رماداً اطحنوني وانتظروا يوماً عاصفاً فانثروني على رؤوس الجبال, فلما مات حرقوه حتى صار رماداً فطحنوه ثم انتظروا يوماً عاصفاً فألقوه على رؤوس الجبال, فقال له الله كن فكان, وقال له الله تبارك وتعالى: "ما حملك على ما فعلت؟" فقال: "خفتك و خفت ذنوبي", فقال له الله تبارك وتعالى: "بمخافتك إياي غفرت لك". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روي عن رب العزة أنه قال: "إني والإنس والجن في نبأ عظيم, أخلق ويعبد غيري، أرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل وشرهم إلى صاعد، أتودد إليهم برحمتي وأنا الغني عنهم, ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إلي, أهل ذكري أهل محبتي, أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا إلي فأنا حبيبهم وإن أبوا فأنا طبيبهم, أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب, من أتاني منهم تائباً تلقيته من بعيد، ومن أعرض عني ناديته من قريب, أقول له أين تذهب؟ ألك رب سواي؟! الحسنة عندي بعشر أمثالها وأزيد، والسيئة عندي بمثلها وأعفو, وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم".هذا هو الله عز وجل ألا تحبه؟! يقول الله تعالى لسيدنا داوود عليه السلام: "يا داوود.. لو يعلم المدبرون عني شوقي لعودتهم ورغبتي في توبتهم لذابوا شوقاً إلي, يا داوود هذه رغبتي بالمدبرين عني، فكيف محبتي للمقبلين علي"؟! والله إن أجمل يوم في حياتك يوم أن يتوب الله عليك... كان هناك شخص اسمه كعب بن مالك، فعل ذنباً كبيراً في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب الله عليه, خمسون يوماً لا يكلمه أحد, وفي اليوم الخمسين كان يصلي الفجر على سطح منزله, فنزلت الآيات بتوبة الله عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تاب الله على كعب بن مالك"... وأخبره صحابي وقال له: أبشر لقد تاب الله عليك, فسجد لله شاكراً باكياً. ث ذهب كعب بن مالك إلى المسجد، وفي طريقه إلى المسجد كان الناس يهنئوه بتوبة الله عليه, فعندما دخل المسجد نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم ووجهه كالقمر من الفرحة وقال له: أبشر يا كعب بخير يوم طلع عليك منذ ولدتك أمك.. تاب الله عليك"! كم التوبة غالية... ألا تتوب؟! ألست مشتاقاً للتوبة؟!! منذ زمن كان في عهد سيدنا موسى رجل من بني إسرائيل عاص لله ولم يترك الذنوب لمدة أربعين سنة, وقتها انقطع المطر ولم يعد هناك خير, فوقف سيدنا موسى وبنوا إسرائيل ليصلوا صلاة الاستسقاء, ولا ينزل المطر،فسأل موسى الله، فقال له الله: "لن ينزل المطر, فبينكم عبد يعصيني منذ أربعين سنة, فبشؤم معصيته منعتم المطر من السماء", فقال موسى: "وماذا نفعل"؟ فقال الله: "أخرجوه من بينكم فإن خرج من بينكم نزل المطر". فدعا موسى وقال: "يا بني إسرائيل.. بيننا رجل يعصي الله منذ أربعين سنة وبشؤم معصيته منع المطر من السماء ولن ينزل المطر حتى يخرج"، فلم يستجب العبد ولم يخرج، وأحس العبد بنفسه وقال: يا رب، أنا اليوم إذا خرجت بين الناس فضحت وإن بقيت سنموت من العطش, يا رب ليس أمامي إلا أن أتوب إليك وأستغفرك, فاغفر لي واسترني"، فنزل المطر! فقال موسى: "يا رب.. نزل المطر ولم يخرج أحد"! فقال الله: "نزل المطر لفرحتي بتوبة عبدي الذي عصاني أربعين سنة", فقال موسى: "يا رب دلني عليه لأفرح به", فقال الله له: "يا موسى يعصيني أربعين سنة وأستره, أيوم يتوب إلي أفضحه؟؟ ولنسأل أنفسنا.. كم مرة سترنا الله؟! كيف نتوب الآن؟؟
التوبة لها ثلاث شروط، و هي: الندم على الذنب. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "التوبة الندم"، التوقف عن فعل الذنب، العزيمة على عدم العودة للذنب
وهل يقبل الله التوبة إذا عدت للذنب مرة أخرى؟؟ نعم! والدليل على ذلك.. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله، أرأيت إن فعلت ذنباً أيكتب علي؟ فقال: يكتب قال: أرأيت إن تبت؟ قال: يمحى قال: أرأيت إن عدت؟ قال: يكتب قال: أرأيت أن تبت؟ قال: يمحى قال: أرأيت إن عدت؟ قال: يكتب قال: أرأيت أن تبت؟ قال: يمحى قال: أرأيت إن عدت؟ قال: يكتب قال أرأيت أن تبت؟ قال: يمحى فقال الرجل: حتى متى يمحى؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يمل من المغفرة حتى تمل من الاستغفار"
أخوتي..هل تحسون هذا الكلام؟... ألا نحب الله ونبدأ صفحة جديدة معه ونعود إليه؟؟
ختاماً.. أرجو من الله القوي المتين الغفور الرحيم أن يغفر لنا جميعاً ويتوب علينا وأن يجمع شمل المسلمين. وصلى الله على سيدنا محمد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.